فالتقاه الموكب ، وكان معه نسر رماه الملك الأشرف للخليفة ، فعلق النسر بباب البدرية ، ونثروا عليه دنانير.
وفيها أخذ ابن لاون أنطاكية من الفرنج يوم الأحد رابع عشرين شوال ، وكنت في ذلك اليوم قد جلست عند الملك الظاهر بحلب في دار العدل ، فلما انقضى المجلس نزلت من المنبر ، فقام الظاهر والتقاني ، وأجلسني إلى جانبه ودفع إلي بطاقة جاءته من حارم تخبره بذلك ، ثم إنه عاد البرنس إلى طرابلس بعد ذلك أخذها من ابن لاون.
وفيها مات ولد الخليفة علي ، وقتل منكلي ، وحج بالناس ابن أبي فراس.
فصل
وفيها توفى علي ابن الخليفة أبو الحسن ، ويلقب بالملك المعظم كان جوادا ، كثير الصدقات ، وافر المعروف ، كريم الأخلاق ، حسن العشرة مرض أياما ، وتوفي في ذي العقدة ، وصلي عليه بتاج الخليفة ، وأخرج التابوت وبين يديه أرباب الدولة ، لم يتخلف سوى الخليفة ، وحمل إلى تربة أم الخليفة فدفن معها في القبة.
ومن العجائب أنه يوم الجمعة دخل رأس منكلي على خشبة وقد زينتت بغداد ، وظهر السرور ، فلما وصل الرأس إلى درب حبيب وافق في تلك الساعة ، وفاة ابن الخليفة فرد الرأس إلى عقد اللكافين ورمي في بيت في خان ، وكوسات منكلي مشققة ، وأعلامه منكسة ، وانقلب ذلك السرور حزنا ، وأمر الخليفة بالنياحة عليه في أقطار بغداد ، ففرشوا البواري والرماد ، وخرج العواتق ونشرن شعورهن ولطمن ، وقام النوائح في كل ناحية ، وعظم حزن الخليفة بحيث أنه امتنع من الطعام والشراب ، وغلقت الأسواق ، وعطلت الحمامات ، وبطل البيع والشراء ، وجرى في بغداد ما لا يجري في بلد آخر ، وكان الخليفة قد رشحه وشد جميع فتيان بغداد إليه من العلماء والأعيان والأجناد ، ففعل الله في ملكه ما أراد ، وخلف ولدين : أبا عبد الله الحسين ، ولقبه المؤيد ، ويحيى ولقبه الموفق .....