ولقبه نجم الدين ، قد ذكرنا سفكه لدماء المتقدمين من أهل خلاط ، فلم يطل عمره وابتلي بأمراض مزمنة كان يتمنى الموت منها ، وكان قد استزار أخاه الأشرف من حران ، فأقام عنده أياما واشتد مرضه فطلب الرجوع إلى حران لئلا يتخيل منه الأوحد ، فقال له الأوحد : يا أخي كم تلح ، والله إني ميت ، وأنت تأخذ البلاد ، وكان الأوحد قد صاغ للأشرف طلعة ذهب من خمسمائة دينار للسنجق ، وبقيت في الخزانة ، واشتغلوا بمرض الأوحد وتوفي ، وملك الأشرف وأول ركوبه في خلاط والسنجق بتلك الطلعة ، وكانت وفاة الأوحد بملاز كرد ، فدفن بها ، وجاء الأشرف فدخل خلاط ، فأحسن إلى أهلها ، وخلع عليهم وعدل فيهم فأحبوه وأطاعوه ، وقدموا من البلاد ، وسروا بموت الأوحد ، فكانت مدة ملكه خلاط أقل من خمس سنين ، لأنه ملكها في سنة أربع وستمائة ...
السنة العاشرة وستمائة
وفيها ورد شمس الدين ابن التبني رسولا من العادل ، لما حوصر بدمشق ، واقترض له أموال التجار ، وضمنها ، فرأى العادل له ذلك فأحبه وقربه وحسده الصفي بن شكر فأبعده عنه ، وكان شمس الدين سيد الأجواد وسيد الأمجاد ، والأولى عند ذكره طي ذكر حاتم طي.
وحج بالناس ابن أبي فراس نيابة عن محمد بن ياقوت ، ومن الشام صديق بن تمرتاش ولقبه الغرز التركماني على ايلة بحاج الكرك ، والقدس ، وحج فيها خضر ، ويلقب الملك الظافر بن صلاح الدين على تيماء ومعه حج الشام ، ويعقوب الخياط المغاري ، وكان مقيما بمغارة الجوع بقاسيون وكان صديق الظافر يقال له الشمر ، فلما وصل الظافر إلى بدر وجد عسكر الكامل محمد صاحب مصر قد سبقه خوفا على اليمن منه ، فقالوا : ترجع فقال قد بقي بيني وبين مكة مسافة يسيرة ، والله ما قصدي اليمن ، وإنما أريد الحج فنفذوا بي واحتاطوا بي حتى