بعد ما رمى الناس الجمرة ، وثب الاسماعيلية على رجل شريف من بني عم قتادة أشبه الناس به ، وظنوه إياه فقتلوه عند الجمرة ، ويقال إن الذي قتله كان مع أم جلال الدين فثار عبيد مكة والأشراف ، وصعدوا على جبلين بمنى ، وهللوا وكبروا ، وضربوا الناس بالحجارة والمقاليع والنشاب ، ونهبوا الناس يوم العيد والليلة ، واليوم الثاني وقتل من الفريقين جماعة ، فقال ابن أبي فراس لمحمد بن ياقوت : ارحلوا بنا إلى الزاهر إلى منزلة الشاميين فلما حملت الأثقال على الجمال حمل قتادة والعبيد عليهم ، فأخذوا الجميع إلا القليل ، وقال قتادة : والله ما كان المقصود إلا أنا ، والله لا أبقيت من حاج العراق أحدا ، وكانت ربيعة خاتون بالزاهر ومعها ابن السلار وأخو سياروخ وحاج الشام ، فجاء محمد بن ياقوت أمير الحاج العراقي فدخل خيمة ربيعة خاتون مستجيرا بها ومعه خاتون أم جلال الدين ، فبعثت ربيعة ابن السلار إلى قتادة تقول : ما ذنب الناس قد قتلت القاتل ، وجعلت ذلك وسيلة إلى نهب المسلمين ، وأنت تحللت الدماء في الشهر الحرام في الحرم والمال ، وقد عرفت من نحن ومن أولاد أخي ، والله لئن لم تنته لأفعلن ولأفعلن ، فجاء إليه ابن السلار فخوفه وهدده ، وقال : ارجع عن هذا وإلا قصدك الخليفة من العراق ، ونحن من الشام ، فكف عنهم وطلب مائة ألف دينار فجمعوا له ثلاثين ألفا من أمير الحاج العراقي ومن خاتون أم جلال الدين ، وأقام الناس ثلاثة أيام حول خيمة ربيعة خاتون بين قتيل ، وجريح ، ومسلوب ، وجائع ، وعريان ، وقال قتادة : ما فعل هذا إلا الخليفة وإن عاد قرب أحد من بغداد إلى هاهنا لأقتلن الجميع ، ويقال إنه أخذ من المال والمتاع وغيره ما قيمته ألفا ألف دينار ، وأذن للناس في الدخول إلى مكة ، فدخل الأصحاء والأقوياء فطافوا وأي طواف ، ومعظم الناس ما دخلوا ، ورحلوا إلى المدينة فدخلوا بغداد على غاية من الفقر ، والذل ، والهوان ، ولم تنتطح فيها شاتان.