السنة الثانية وستمائة
وفيها استوزر الخليفة نصير الدين ناصر بن مهدي العلوي الحسني ، وخلع عليه خلعة الوزارة : القميص ، والدراعة ، والعمامة ، وخرج من باب الحجرة ، فقدم له فرس من خيل الخليفة ، وبين يديه دواة فيها ألف مثقال ذهب ، ووراءه المهد الأصفر ، وألوية الحمد ، وطبول النوبة ، والكوسات تخفق ، والعهد منشور بين يديه ، وجمع أرباب الدولة مشاة بين يديه ، وضربت الطبول والبوقات له بالرحبة في أوقات الصلوات الثلاث : المغرب ، والعشاء ، والفجر ، فقال الناس : يا ليت شعرنا ماذا أبقى الخليفة لنفسه.
وفيها هرب أبو جعفر محمد بن حديدة الوزير الانصاري من دار ابن مهدي ، وكان محبوسا بدار المطبخ عند ابن مهدي ليعذبه ، فحلق ابن حديدة رأسه ولحيته ، وخرج فلم يظهر خبره إلا من مراغة بعد مدة ، وعاد إلى بغداد ..
وفيها توجه ناصر الدين صاحب ماردين إلى خلاط بمكاتبة ، فجاء الملك الأشرف فنزل على دنيسر ، وأقطع بلاد ماردين ، فعاد ناصر الدين إلى بلده ، بعد أن غرم مائة ألف دينار ، ولم يسلموا إليه خلاط.
وفيها أغار ابن لاون على بلاد حلب ، وأخذ الجشار من نواحي حارم فبعث الملك الظاهر فارس الدين ميمون القصري ، وأيبك فطيس ، وابن تركمان ، وحسام الدين ابن أمير تركمان ، فنزلوا على حارم فقيل لميمون : كن على حذر فتهاون ، وكبسهم ابن لاون ، وقتل جماعة من المسلمين وثبت أيبك فطيس ، وابن التركمان ، وقاتلا قتالا شديدا ، ولولاهم لأخذ ميمون ، وبلغ الظاهر فخرج من حلب ، ونزل مرج دابق ، وجاء إلى حارم ، فهزم ابن لاون إلى بلاده وكان قد بنى قلعة فوق دربساك ، فأخربها وعاد إلى حلب.