بجنازته من باب زويلة ، ودفن بتربته في القرافة ، وبنى مدرسة بالقاهرة ووقف عليها أوقافا نقل إليها بعض كتبه ، وكانت كتبه مائة ألف مجلدة ، ووقف على الأسارى وقفا عميما ، فاستنقذ به خلقا عظيما ، وهجاه ابن عنين الشاعر ، فأشار على صلاح الدين بنفيه إلى البلاد فنفاه إلى الهند ، وهجاؤه معروف ، وقد قال فيه الوجه :
في كتبه قلم يريك به القضاء مقدرا |
|
ما نور الظلماء غير مداده إذ نورا |
فصل
.... وفيها توفى قيماز النجمي ، ولقبه صارم الدين ، كان من أكابر مماليك نجم الدين أيوب ، وكان عظيم القدر عند صلاح الدين ، إذا فتح بلدا سلمه إليه ، واستأمنه عليه ، وكان كثير الصدقات ، وأفعال الخير ، بنى القنطرة بين خسفين ونوى وغيرها ، والمدرسة المجاورة لداره بدمشق بجنب باب القلعة ، وكان العادل قد جعله بدمشق مع ولده الملك عيسى ثقة به ، فتوفي بدمشق في جمادى الأولى ، وظهرت له أموال عظيمة فيقال إنه وجد له في أسفل البركة مائة ألف دينار.
وفيها توفي الحاجب لؤلؤ بن عبد الله الذي ذكرنا أنه أخذ مراكب الفرنج في بحر القلزم ، وكان جوادا شجاعا ، كثير الصدقات.
قال العماد : وقع الغلاء بمصر في السنة الماضية ، وهذه ، فكان يخبز كل يوم أربعة وعشرين ألف رغيف ، يفرقها على الفقراء ، وفي غير الغلاء كان يخبز كل يوم اثني عشر ألفا ، وكان صائما قائما متعبدا ، وكانت وفاته بالقاهرة في جمادى الأولى والله أعلم .....
السنة السابعة والتسعون وخمسمائة
وفيها استناب الخليفة نصير الدين ناصر بن مهدي في الوزارة ، وأذن للقاضي ابن الشهرزوري في الخروج من بغداد.