قصد بغداد ، فجمع وحشد ووصل إلى دهستان فتوفي بها في رمضان ، فحمل في تابوت إلى خوارزم فدفن عند أهله وأقام ولده محمد مقامه.
وفيها توفي القاضي الفاضل ، واسمه عبد الرحيم بن علي بن حسن أبو علي البيساني الكاتب ، ولد ببيسان في سنة تسع وعشرين وخمسمائة ، واشتغل بعلم الأدب والرسائل ، فبرع فيه وصار أوحد زمانه في فنه ، وكان صلاح الدين يقول في ملأ من الناس : لا تظنوا ملكت البلاد بسيوفكم ، بل بقلم الفاضل ، وكان يستشيره في أموره ، وقد ذكرنا طرفا من ذلك ، وكان كثير العبادة تاليا للقرآن ، وقد استعان بآيات من الكتاب في كثير من رسائله ، ورسائله عشرة مجلدات ، وسمع قائلا يقول بيت شعر ، وهو هذا :
لقد ضاع شعري على بابكم |
|
كما ضاع در على خالصة |
فقال : لو قلعت عينا هذا الشعر لأبصر ، وسمع أيضا قائلا يقول :
«إن المداد خلوق ثوب الكاتب
فقال : الكاتب النحس ، انتهى.
وكان الفاضل ممدحا ، قال العماد : مدح بمائة ألف بيت من الشعر ، وكان الفاضل متحيرا من الناس إذا سلم عليه من لا يعرفه آذاه ، وإذا التقاه إنسان ولم يسلم عليه أعناه.
ذكر وفاته
لما تيقن الفاضل استيلاء العادل على القاهرة دعا على نفسه بالموت خوفا من ابن شكر وزير العادل ، فإنه كانت بينه وبينه وحشة ، فخاف أن يستدعيه ويهينه ، فقام تلك الليلة يبكي ويتضرع ويصلي ، فأصبح ميتا ، وحكي عن الملك المحسن بن صلاح الدين أنه قال : اتفق يوم وفاة الفاضل يوم دخول العادل القاهرة ، دخل من باب النصر ، وخرجنا