نصر : يا سلطان العالمين ، هذا الرجل الوقف معه مدة يأكله ، ولا يوصل إلينا شيئا ، وكان ذلك في حدود سنة عشر وستمائة ، فقال العادل : كم له معه سنة؟.
فقال نصر : من كسر باب الفراديس ، فقال الملك الأشرف : ذا تاريخ ميشوم ، فضحك العادل والجماعة.
وأما الأفضل فإنه لما سار إلى مصر أرسل العادل وراءه أبا محمد نجيب الدين العدل أن يقول له : ترفق فإنا لك مثل الوالد ، وعندي كل ما تريد فقال للعدل : قل له إن صح ما قلت فأبعد عنك أعدائي الصلاحية ، وبلغ الصلاحية ، فقالوا للعادل : ايش قعودنا ، قم بنا ، وساروا خلف الأفضل مرحلة مرحلة ، فنزل الأفضل بلبيس ، ونزل العادل السائح ، فرجع الأفضل ، وضرب بهم المصاف فكسروه ، وتفرق عنه أصحابه ، ودخل القاهرة ، وأغلق أبوابها ، وجاء العادل فنزل البركة ودخل سيف الدين يازكش بين العادل والأفضل واتفقوا أن يعطيه العادل ميافارقين وجبل جور ، وديار بكر ، ويأخذ منه مصر ، ورحل الأفضل من مصر في ربيع الآخر ، ودخل العادل القاهرة ، وأحسن إلى يازكش ، وقال للأفضل جميع من معك كاتبني إلا سيف الدين ، وقدم العادل يازكش وحكمه في البلاد ، ورد القضاء إلى صدر الدين عبد الملك بن درباس الكردي ، وولى شيخ الشيوخ ابن حموية التدريس بالشافعي ، ومشهد الحسين ، والنظر في خانقاه الصوفية ، وجلس الوزير صفي الدين عبد الله بن علي وزير العادل في دار السلطنة في حجرة الفاضل ، ونظر في الدواوين ، قال العماد : أعطى القوس باريها ، وأجرى الأمور على أحسن مجاريها ، وسار الأفضل إلى ميافارقين ، واستدعى العادل ولده محمد الكامل إلى مصر ، فخرج من دمشق في ثالث شعبان ، وودعه أخوه عيسى المعظم إلى رأس الماء ، وقال العماد : وسرت معه إلى مصر وأنشدته هذه الأبيات :