واستدعى ابن أخته وقال له : لم أخذت زوجة هذا الرجل ، فأنكر ، فدعا بالرجل وقال له : قد أنكر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لي كليبة قد ربتها المرأة تحضر كل امرأة في القصر ، وأحضر الكليبة فهي تعرفها من بين ألف امرأة ، فإن وقفت عندها وإلا فاقتلني ، فقال للرجل : اخرج ثم قال لابن أخته لا تبقي امرأة في القصر إلا وتخرج ، فأخرج النساء ، وخرجت المرأة بينهن وقد غير زيها وألبسها الحلي والجواهر والثياب الفاخرة وأطلق الكلبة ، فجاءت فوقفت عندها فاستدعى الرجل ، وقال : زوجتك بما عليها ، ثم التفت إلى ابن أخته وقال قصرك مملوء بالجواري المستحسنات ، وأنت تمد عينك إلى امرأة رجل غريب جاء من بلاد بعيدة فأخذتها غصبا ، ثم قال لغلمانه : أعطوه الرماح ، وهذه قتلة المغاربة ، فخرجت أمه حاسرة فبكت بين يديه ، وقالت : مالي غيره ، فقال والله لابد ، وقتله.
ومنها ما حكاه أبو العباس أيضا قال : اشتهرت امرأة بالزهد ، وأنها ما تأكل الخبز ، فبعث إليها يعقوب وقال : أقيمي عندي في القصر أياما لأتبرك بك ، فأقامت عنده أياما فدخلت بعض جواريه إلى السقاية يوما فرأت الزاهدة تأكل الخبز في بيت الماء فبهتت ، وجاءت إليه فأخبرته فقال لها : والله لئن سمع هذا غيري منك لأقتلنك ، ثم بحث عن ذلك فوجده صحيحا ، فأرسل إلى الزاهدة خمسمائة دينار ، وثيابا ، وقال لها : قد حصل لنا البركة بمقامك عندنا ، وقد سألني بنو عمي أن تقيمي عندهم في قصرهم لتصل إليهم بركتك ، فانتقلت إليهم ولم يظهر أمر المرأة.
قال : وكان جوادا سمحا يهب مائة ألف دينار ، وخمسين ألفا ، ويفتقد أرباب البيوت ، ويكرم العلماء والفقهاء ولم يسمع منه كلمة فحش ، وكان عادلا متمسكا بالشرع ، ويصلي بالناس الصلوات ، ويلبس الصوف على جسده ، ويقف للمرأة والضعيف ويأخذ لهم الحق.
قلت يعقوب هذا هو الذي راسله صلاح الدين بشمس الدين ابن