واتفق عبور يعقوب للقاء الفنش ومن عادتهم يوم المصاف أن يصلي الخليفة بالناس الفجر ، ويركب ومعه خمسة آلاف من القراء ملبسين الدروع حاملين الأسلحة ، فيقرأون سبعا من القرآن ويدعو الخليفة ، ولا يدعو غيره ، وكان له طبال اسمه حماد مقدم الطبالين ، وخلفه مائة كوس ، وليس في العسكر من له طبل سوى الخليفة ، فإذا فرغ من الدعاء بعد القراءة ، قال حماد : قال لبيك فيقول : اضرب الطبل فيدق الكوسات ، وتحمل العساكر وهاتان الخصلتان لا يشارك الخليفة فيهما أحد : الدعاء وقوله : يا حماد اضرب الطبل.
فلما كان في هذا اليوم الذي التقى فيه يعقوب صلى الخليفة بالناس ، وركب والشريف عن يمينه ، ولما فرغ من قراءة السبع ، التفت إلى الشريف فقال : يا شريف ادع فقال : الله الله يا أمير المؤمنين العفو هذه وظيفة أمير المؤمنين ، فقال : لابد فما أمكنه مخالفته خوفا منه ، فمد يده ودعا وعجب الناس ، ولما فرغ من الدعاء قال له : يا شريف قل لحماد يضرب الطبل ، فقال : العفو يا أمير المؤمنين ، فقال لابد فقال : يا حماد اضرب الطبل ، وفضرب وحملوا ثم التفت إلى الشريف ، وقال : يا شريف إن كان خطر ببالك أنك تحكم في البلاد ، وأطاعتك أهل فاس والجبال في هذا الأمر ، ورأيت مناما ، فهو هذا الذي رأيت ما يحصل لك من الخلافة سواه ، فنزل وقبل الأرض ، وكسر الله الفنش.
ولله در هذه المكارم ولو كان غير يعقوب لحل بالشريف العظائم.
ومنها ما حكاه لي أبو العباس أيضا قال : كان ليعقوب ابن أخت لم يكن بمراكش أحسن صورة منه ، وله ثماني عشرة سنة ، فقدم مراكش رجل يرقص الدب ومعه امرأته ، فرآها ابن أخت يعقوب فأعجبته ، فأرسل إليها فأخذها فوقف زوجها ليعقوب فقال : يا أمير المؤمنين إني رجل غريب ، وقد غصبني ابن أختك وأخذ زوجتي ، فقال له : اتبعني وجاء إلى قصر ابن أخته وقال للرجل : قف هاهنا ، ثم دخل القصر