الدين ملك اليمن من زبيد إلى حضر موت ، وقمع الخوارج ، وكان شجاعا شهما ، وقد ذكرناه ، وكانت وفاته في شوال بزبيد ، وولي بعده ولده شمس الملوك إسماعيل ، وادعى الخلافة ـ وسنذكره ....
السنة الرابعة والتسعون وخمسمائة
وفيها نزلت الفرنج في المحرم على تبنين ، فأرسل العادل محيي الدين ابن زكي الدين إلى العزيز إلى مصر يستنجده ، فخرج بجيوشه إلى الشام ، فوصل في ربيع الأول ، وكانوا ضايقوا الحصن ، ونقبوه من كل جانب ، وأشرف على الأخد ، ونقبوه سربا سربا ، وكانوا يستظلون من المطر ، وجعلوا النقوب بيوتا يسكنونها ، وكان الفرنج يحدقون بالمسلمين من النقوب ، ويحدثونهم ، وكان المسلمون مع العادل نازل بهم عند هونين ومعه شيركوه صاحب حمص ، والأمجد صاحب بعلبك ، وعز الدين ابن المقدم ، ودلدرم صاحب تل باشر ، وجاءهم العزيز فساروا جميعا إلى هونين ، فلو تأخر يوما أخذت تبنين ، وقتل من فيها ، وأرسل الله تلك الليلة مطرا عظيما ، وريحا شديدة ، وأوقع في قلوب الفرنج الرعب ، وقيل جاءكم سلطان مصر ، والعساكر فتركوا المناجيق والدبابات ، والآلات بحالها ، والخيم وما فيها ، وهربوا في الليل إلى صور ، ثم بعثوا يطلبون الصلح ، فصالحهم العزيز على قاعدة صلح صلاح الدين ، وخلع العزيز على المعظم عيسى بن العادل ، وأعطاه صنجقا ومنشورا بدمشق ، وعاد إلى مصر ، ومضى العادل إلى ماردين فحصرها في رمضان ، وملك الربض ولم يبق سوى القلعة.
وفيها حج بالناس من بغداد إيلبا ، ومن دمشق زين الدين قراجا ، مملوك صلاح الدين.
فصل
وفيها توفي جرديك بن عبد الله النوري ، كان من أكابر أمراء نور الدين ، ثم خدم صلاح الدين في جميع غزواته ، وهو الذي قتل شاور