الجمعة عند مكان قبر والده بالكلاسة ، وأمر ببناء القبة ، والمدرسة إلى جانبها ، وأمر محيي الدين بن زكي الدين بعمارة المدرسة العزيزية ، ونقل السلطان من الكلاسة في سنة اثنتان وتسعين وخمسمائة ، وكان الأفضل قد شرع في بناء تربة عند مشهد القدم بوصية من السلطان ، فإنه قال : تكون تربتي على الجادة التي يمر بها الصادر والوارد ، فيترحم علي فارتفع قامة ، وجاء العزيز فحصر دمشق وأخربها ، وكان العزيز إذا جلس في مجالس لهوه جلس على بابه كأنه برد دار ، فلما كان آخر الليلة من مقدمه بدمشق ، وكانت ليلة الاثنين تاسع شعبان قال العادل لولده الملك المعظم : ادخل فقبل يده واطلب منه دمشق ، وكان المعظم قد راهق الحلم ، فدخل فقبل يده وطلب منه دمشق ، فدفعها إليه وأعطاه سبحته ، وقيل استناب العادل فيها وأعطاها للمعظم عيسى بن العادل على سنن في سنة أربع وتسعين وخمسمائة ، ورحل تاسع شعبان إلى مصر ، ومضى الأفضل إلى صرخد ، ونفى العادل ابن الحمصي الذي فتح له الباب الشرقي وكان قد أعطاه عشرة آلاف دينار ، فاستردها منه ، واجتاز العزيز في طريقه إلى مصر بالقدس ، فعزل أبا الهيجاء السمين عنه ، وولاه سنقر الكبير ، ومضى أبو الهيجاء إلى بغداد ، وسنذكره ......
السنة الحادية والتسعون وخمسمائة
........ وفيها كانت الوقعة العظيمة ، وتعرف بوقعة الزلاقة [اقرأ : الأرك] بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وبين ألفنش ملك طليطلة ، وكان ألفنش قد استولى على جزيرة الأندلس وقهر ولاتها ، وكان يعقوب مشغولا عن نصرتهم بالخوارج الخارجين عليه ، وبينه وبين الأندلس زقاق ، وعرضه ثلاثة فراسخ ، ويحتاج في عبوره إلى مشقة عظيمة ، وطمع الناس في المسلمين بهذا السبب ، وكتب ألفنش إلى يعقوب كتابا نسخته : باسمك اللهم فاطر السموات والأرض ، وصلى الله على المسيح عيسى بن مريم الفصيح ، أما بعد أيها الأمير إنه لا يخفى على ذي عقل لازب ، وذكاء ثاقب