وحج بالناس من بغداد فلك الدين ، ومن الشام درباس الكردي.
فصل
وفيها توفي سنان بن سليمان ، صاحب الدعوة بقلاع الشام ، وأصله من البصرة ، وكان في حصن ألموت ، فرأى منه صاحب الأمر في تلك البلاد نجابة وشهامة ويقظة ، فسيره إلى حصون الشام ، وكانت له معرفة وسياسة وحذق في استجلاب القلوب ، وكان مجيئه إلى الشام في أيام نور الدين محمود ، فأقام واليا ثلاثين سنة ، وجرت له مع السلطان قصص ، وبعث إليه جماعة فوثبوا عليه ، وقد ذكرناه وفي عزم السلطان قصده ، ولم يعطه طاعة قط ، ولما صالح السلطان الأفرنج وعزم على قصده توفي.
ويحكى عنه الغرائب والعجائب ، وفي الجملة أنه كان كما وصفنا ولم يقم أحد بعده مقامه.
فصل
وفيها توفي سيف الدين المشطوب ملك الهكارية ، واسمه علي بن أحمد الهكاري ، كان شجاعا صابرا على الحرب مطاعا في قبيلته ، دخل مع أسد الدين شيركوه إلى مصر في المرات الثلاث ، وشهد فتح مصر ولزم خدمة السلطان ، فكان ممن أسر بعكا ففدى نفسه بخمسين ألف دينار عجل منها عشرين ألفا ، وأعطاهم رهائن بالباقي ، وأطلق فأحسن السلطان إليه وأعطاه نابلس وأعمالها فجار ديوانه على أهلها ، فاتفق أن السلطان اجتاز بنابلس من القدس في عوده إلى دمشق ، فاجتمع أهلها وشكوا إلى السلطان واستغاثوا فقال : ما لهؤلاء؟ قالوا : يتظلمون من المشطوب ، وهو راكب بين يديه ، فقال : يا علي لو كان هؤلاء يدعون لك حتى يسمع الله ، فكيف وهم يدعون عليك.
واختلفوا في وفاته ، فقال العماد الكاتب : مات المشطوب في نابلس في