السلطان فقبل يده ، وسار من ساعته ، وكتب السلطان وراءه كتابا يقول فيه ، وفي أوله كلاما منه :
من ضاع مثلي من يديه |
|
فليت شعري ما استفادا |
فقرأ الكتاب ولم يلتفت ، وسار فلقيه تقي الدين عند عقبة فيق ، فقال له : إلى أين؟ فأخبره فقال : ارجع ، فقال : ما أرجع ، وكان تقي الدين مقداما فقال : ارجع يا صبي وإلا رجعت مقهورا فرجع فسأل تقي الدين السلطان فعفا عنه.
وفيها كتب السلطان إلى يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ، أمير الغرب ، كتابا يستنجد به على يد شمس الدين بن منقذ ، ودخل فصل الشتاء فأعطى السلطان العساكر دستورا وأقام في نفر يسير.
وفي ذي الحجة مات ابن ملك الألمان ، واستشهد بعكا جماعة ، منهم جمال الدين محمد بن أرككز خرج في شاني يقاتل ، فاحتاطت به مراكب الفرنج وعرضوا عليه الأمان ، فقال ما أضع يدي إلا في يد مقدمكم الكبير ، فجاء إليه المقدم الكبير ، فأخذ بيده وعانقه وألقى نفسه وإياه في البحر فغرقا.
وفيها تسلم صلاح الدين الشوبك بعد حصار شديد بالأمان ، وفيها ملك سيف الدين صنعاء ، وأعطاها لولده شمس الملوك الذي ادعى الخلافة ، وحج بالناس من بغداد طاشتكين ......
وفيها توفي يوسف بن علي بن بكتكين صاحب إربل ، ولقبه زين الدين وهو أخو مظفر الدين ، وزين الدين ، كان عند السلطان في هذه السنة على الخروبة ، فمرض في رمضان ، فارتحل من الخروبة إلى الناصرة ، فأقام يمرض نفسه ، وكان عنده أخوه مظفر الدين يمرضه فيقال إنه سقاه سما فمات ، وظهرت على مظفر الدين أمارات ذلك ، فإنه لم يكترث بموته ، ولا تأسف عليه ، وبلغ السلطان فحزن عليه