أن يخلي له القلعة ليضع أمواله وأثقاله فيها ، وكان في البرنس خبرة فأجابه إلى ذلك ظنا منه أنه لا يتفق عوده إليها ، وكان كما ظن ما عاد ، وأخذ البرنس الجميع.
ثم سار إلى طرابلس ، وجعل أهل الجبال يقتلونهم وينهبونهم ، فما وصلوا طرابلس إلا في نفر يسير ، فأقاموا أياما ، وساروا إلى عكا فلقيهم الافرنج واستبشروا بهم ، ووصل رسول ملك القسطنطينية يعتذر إلى السلطان من الروم ، وكان صديق السلطان ، وأنه خطب للخليفة والسلطان بقسطنطينية ، وانقطعت أخبار عكا عن السلطان ، فندب أقواما للسباحة وأعطاهم المال في أوساطهم ، والطيور في أعبابهم فترد الأخبار ، ثم احترز الفرنج بعد ذلك بشباك نصبوها في المساقاة ، فإذا جاء سابح وقع فيها ، فامتنع الناس.
وبعث قراقوش يشكو قلة الميرة ، فرتب لهم السلطان بطسة كبيرة وجعل فيها نصارى من أهل بيروت كانوا قد أسلموا ، فقال : ارفعوا الصلبان على البطسة كأنكم قاصدين الفرنج ، ففعلوا ذلك ، فخرج إليهم الفرنج في الشواني ، فقالوا : نراكم قاصدين البلد ، فقالوا : ما أخذتموه بعد؟ قالوا : لا ، فقالوا : وراءنا بطسة أخرى ردوها عن البلد ، فذهبوا ، عنهم ، فردوا القلوع إلى البلد ودخلوا الميناء ، وكبر المسلمون وامتاروا أياما.
وأما ابن ملك الألمان فإنه أعد دبابة عظيمة ، فدخل تحتها ألوف من الناس ، ولها رأس عظيم برقبة طويلة إذا نطحت السور دخلت فيه وهدمته ، وعمل بطسة لها خرطوم طويل ، إذا أرادوا قلب السور انقلب بالحركات ، وزحفوا إلى برج الذبان ، فأحرق المسلمون جميع ذلك ، وطلبت العساكر الشرقية العود إلى بلادها ، فقال السلطان : في هذه الحالة اصبروا إلى زمان الشتاء ، فأما عماد الدين صاحب سنجار فأقام وأما سنجر شاه صاحب الجزيرة ، فأصر على الرحيل ، ودخل على