الكرك يطول فعاد إلى دمشق ومعه أخوه الملك العادل ، فأعطاه حلب ، فسار إليها وبها ولده السلطان الملك الظاهر غازي ، وسيف الدين يازكيج ، فسلمها ، إليه ، وقدم الظاهر دمشق مع يازكيج في شوال ، وأقام الظاهر في خدمة أبيه راضيا في الظاهر ، وفي الباطن فيه ما فيه.
وفيها وصل عبد الرحيم شيخ الشيوخ من بغداد رسولا إلى صلاح الدين ومعه محيي الدين أبو حامد محمد ابن قاضي القضاة كمال الدين ابن الشهرزوري رسولا من المواصلة ، فأغلظ محي الدين على السلطان وقال : تحلف لعز الدين ان هذه الجزيرة وما يقطع الفرات من ناحية الشرق يكونوا مضافين إلى عز الدين ولا تعلق لك بهم ، وإلا جاء البهلوان وملول العجم إليك ، واتفقوا عليك ، فغضب السلطان وقال : أنا قاصد إليكم ، فإذا فرغت منكم سرت إلى البهلوان ...
وفيها توفي تاج الملوك بوري ـ كما ذكرنا ـ ابن أيوب أخو صلاح الدين ، وكنيته أبو سعيد ، ولد في ذي الحجة سنة ست وخمسين وخمسمائة وكان الله عزوجل قد جمع فيه مكارم الأخلاق ، ولطف طباع وكرما وشجاعة ، وفضلا وفصاحة ، وكان أديبا وشاعرا مترسلا ، وله ديوان شعر ذكره العماد في الخريدة ، وأثنى عليه ، وأنشد مقطعات من شعره ...
السنة الثمانون وخمسمائة
وفيها كتب زين الدين بن نجية الواعظ من مصر إلى صلاح الدين يشوقه إليها ، وكان السلطان بدمشق : أدام الله أيام مولانا السلطان الملك الناصر ، وقرنها بالتأييد والنصر والتسديد ، أو ما يشتاق مولانا إلى مصر ونيلها وخيرها وسلسبيلها ، ودار ملكه ، ودارة فلكه وبحرها وخليجها ونشرها وأريجها ، ومقسم مقاسمها ، وأنيس أبياتها ، وقصور معزها ، ومبارك عزها ، وجيزتها وجزيرتها ، وبركها وبركتها ، وتعلق القلوب بقلوبها ، واستئلاف النفوس لأسلوبها ، وملتقى البحرين ،