الدين أي فائدة في زيارتك وأنت تشرب الخمر وتبيح المحرمات وتمكس المسلمين ، فان كنت تدع هذا والا فلا تجيء إلى عندي ، فقال : يا سيدي أنا تائب إلى الله من جميع ما قلت ، وترك الجميع وعاد إلى ما كان عليه.
وكان للشيخ طاقة على باب الزاوية ينظر من يجيء من دمشق ، قال : فبينما نحن عنده ذات يوم وإذا بسيف الدين قد أقبل وصعد إلى الدرج ، فقال لي أبو أحمد : أغلق الباب في وجهه ، وقل له ما لك عندي شغل ، وادفعه إلى أسفل الدرج ، قال أبو بكر القديمي : فخرجت فاستحييت منه ، فقال لي سيف الدين : يا شيخ افعل بي ما أمرك الشيخ وأدار ظهره إلى فدفعت في ظهره حتى أنزلته إلى أسفل الدرج ، فقعد يبكي وقد صاح الجند بأسرهم ، فأشار إليهم أن اسكتوا ، ثم قال لي : يا شيخ أبا بكر اصعد إلى الشيخ وقل له : مالي توبة؟ قال : فصعدت إليه وأخبرته فقال : قل له : يجوز قد أذنت له ، قال : فخرجت وقلت : له بسم الله ، فدخل على الشيخ فبكى وقبل يده وتاب إلى الله تعالى ، وعاد إلى الموصل ، فأقام مدة يسيرة ، ومات يوم الأحد ثالث صفر ، ولم يبلغ ثلاثين سنة ، وكانت ولايته عشر سنين وشهورا.
وأراد أن يعهد إلى ولده سنجر شاه ، فامتنع أخوه عز الدين مسعود من ذلك ، وقال له مجاهد الدين قيماز وأكابر الأمراء : قد علمت استيلاء صلاح الدين على البلاد وقربه منا وسنجر شاه صبي لا رأي له وأخوك عز الدين كبير السن صاحب رأي وشجاعة ، اعهد إليه واجعله وصيا على أولادك ففعل ، وكانت الرعية قد خافت من عز الدين مسعود لا قدامه على سفك الدماء وحدته ، فلما ولي تغيرت أخلاقه فصار رفيقا بالرعية قريبا منهم محسنا إليهم.
ولما مات سيف الدين كان صلاح الدين في حدود الروم ، فأرسل إليه مجاهد الدين قيماز الفقيه أبا شجاع بن الدهان البغدادي ، يطلب منه أن يكون مع عز الدين كما كان مع أخيه سيف الدين ، ويبقي عليه الجزيرة