فأقام بها منعكفا على لهوه ولعبه ، ولم يحضر حروب أخيه صلاح الدين ، فتوفي بالاسكندرية في هذه السنة ، فأرسلت أخته ست الشام وكانت شقيقته فحملته في تابوت إلى دمشق فدفنته في تربتها التي أنشأتها على الشرف الشمالي عند العوينة ، وبنت عليه قبة وبهذه التربة ولدها حسام الدين بن لاجين ، وزوجها ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه ، ودفنت هي بعد الكل ، وسنذكرها إن شاء الله تعالى.
فصل
وفيها توفي سيف الدين غازي بن مودود بن غازي بن أقسنقر صاحب الموصل ، ابن أخي نور الدين ، وكان من أحسن الناس صورة عاقلا وقورا غيورا للدماء مع شح كان فيه ، قال المجد ابن الأثير : كان قد علق عليه سل ، وطالت علته ، وأجدبت البلاد قبل موته ، وخرج الناس يستسقون وخرج سيف الدين معهم ، فاستغاث إليه الناس وقالوا : كيف يستجاب لنا والخمور والخواطىء والمظالم بيننا؟ فقال : قد أبطلتها ، ورجع البلد وفيهم رجل صالح يقال له أبو الفرج الدقاق ، فأهرق الخمور لا غير ، ونهب العوام دكاكين الخمارين ، فاستدعي الدقاق إلى القلعة وقيل له : أنت جرأت العوام على السلطان ، وضرب على رأسه ، فانكشف رأسه واطلق ، ونزل مكشوف الرأس ، فقيل له غط رأسك ، فقال : لا والله لا أغطيه حتى ينتقم ممن ظلمني فمات الزردار والذي ضربه بعد قليل ومرض سيف الدين وتوفي.
ذكر حكايته مع الشيخ ابن أحمد أبي الحداد الزاهد :
كان أبو أحمد قد انقطع في قرية من بلاد الموصل يقال لها الفضيلية ، ومنها أصله ، وهي على فراسخ من الموصل.
حدثني أبو بكر القديمي واسماعيل الشعار ، وكانا قد صحبا الشيخ أبا أحمد قالا : كان سيف الدين يزور الشيخ أحمد ، فقال له : يا سيف