يكاتبه بالغلظة ، فكتب إليه منكرا عليه ، وينسبه إلى كفر النعمة ، وحجد احسان والده وأوعده وهدده ، وبعث بالكتاب مع ينال بن حسان صاحب منبج ، فأغلظ لصلاح الدين في الجواب وقال : السيوف التي ملكتك مصر هي التي تردك ، وأشار إلى سيفه فغضب صلاح الدين وقال : والله لولا أنك رسول لضربت عنقك ، والله ما جئت إلى هاهنا شرها ولا طمعا في الدنيا ، وفي مصر كفاية ، وما جئت إلا لأستنقذ هذا الصبي من يد مثلك وأمثالك ، فأنتم سبب زوال دولته ، ثم طرده بغير جواب ، فعاد إلى حلب واستناب صلاح الدين بدمشق أخاه سيف الاسلام ظهير الدين طغتكين ، وسار إلى حمص فأخذها ، وفتح حماة ، وسار إلى حلب فاستغاثوا عليه بالاسماعيلية وأعطوهم ضياعا ومالا فأرسلوا إليه جماعة من فتاكهم ورآهم ناصر الدين خمارتكين صاحب أبي قبيس فعرفهم ، لأنه كان منازعا لهم ، وأنكر عليهم مجيئهم ، وسبق إلى خيمة صلاح الدين ليخبره فأدركوه على باب الخيمة ، ثم أرادوا الهجوم على صلاح الدين ، وكان أمير جنوده سيف الدين طغريل ، فجذب السيف وقتل واحدا منهم ، واجتمع الغلمان على الباقين فقتلوهم ، ورحل صلاح الدين عن حلب في أول رجب وجاء إلى حمص ، ثم نازل بعلبك فأخذها في رمضان من الخادم يمن الريحاني ، ووصل عسكر الموصل إلى حلب ، وانضاف إليهم عسكر حلب ، ونزلوا تل السلطان فساق عليهم وبغتهم وكان مقدمهم عز الدين مسعود أخو سيف الدين غازي ، فكسرهم كسرة عظيمة وانهزموا إلى حلب ، وغنم أثقالهم وأسر رجالهم ، فجاء فحصر حلب وهي المرة الثانية من حصار حلب ، والمرة الأولى من كسرة الموصل ، ورجع صلاح الدين فنازل حصن بارين وأخذه من ابن الزعفراني ، وكان من أكابر أمراء نور الدين ولقبه فخر الدين واسمه مسعود ، وأعطى مدينة حماة لخاله وقيل لابن خاله وصهره ابن شهاب الدين محمود ، وأعطى حمص لناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه ، وجاءته رسل حلب ، واتفق الحال أن يكون بدمشق نائبا عن الملك