بلاده ، وكان يحد شاربه عند الناس ، وكان كثير الصيام وله أوراد في الليل والنهار ، وكان يقدم أشغال المسلمين عليها ، ثم يتمم أوراده ، وكان قد تزوج الخاتون بنت معين الدين ، فطلبت منه زيادة نفقة فقال : قد فرضت لها ما يكفيها والله لا أخوض جهنم بسببها ، وهذه الأموال ليست لي وإنما هي للمسلمين ، وأنا خادمهم فلا أخونهم فيها ، ولي بحمص ثلاثة دكاكين اشتريتها من الغنائم قد وهبتها إياها ، وكان يحصل منها قدر يسير.
قال وكان يلعب بالأكرة كثيرا ، فكتب إليه بعض الصالحين ينكر عليه ويقول : تتعب الخيل في غير فائدة ، فكتب إليه نور الدين بخطه : والله ما أقصد اللعب ، وإنما نحن في ثغر والعدو منا قريب ، فربما وقع الصوت فتكون الخيل قد أدمنت على سرعة الانعطاف بالكر والفر ، وإذا طلبنا العدو أدركناه ، ولو تركناها بحالها لصارت جهاما لا ينتفع بها ، فنيتي في لعب الأكرة هذه.
قال وأهديت إليه عمامة مذهبة من مصر فوهبها لشيخ الصوفية أبي الفتح بن حموية (١٣) فبعث بها إلى العجم فبيعت بألف دينار قال : وكان عارفا بمذهب أبي حنيفة ، وليس عنده تعصب على أحد.
قال : وكان يوما يلعب بالأكرة في ميدان دمشق فجاءه رجل فوقف بازائه وأشار إليه ، فقال للحاجب : اسأله ما حاجته فسأله فقال : لي مع نور الدين حكومة ، فرمى الصولجان من يده فجاء إلى مجلس القاضي كمال الدين الشهرزوري ، وتقدمه الحاجب يقول للقاضي قد قال : لاتنزعج واسلك معه ما تسلكه من آحاد الناس ، فلما سوى بينه وبين خصمه كآحاد الناس ، فلم يثبت له عليه حق ، وكان يدعي ملكا له في نور الدين ، فقال نور الدين للقاضي والعدول : هل ثبت له علي حق؟ قالوا : لا ، فقال : اشهدوا أني قد وهبت الملك له ، وقد كنت أعلم أن لا حق لك عندي ، وإنما حضرت معك لئلا يقال عني أني دعيت إلى مجلس الشرع فأبيت.