إلى شاور مع الفقيه عيسى يقول : لك في رقبتي أيمان وأنا خائف عليك من الذي عندي فلا تجىء ، فلم يلتفت وجاء على العادة فجذبوه بالقوة عن فرسه وأدخله جرديك إلى الخيمة ، وحز رأسه ، فلما عاد أسد الدين استرجع ، وبعثوا برأسه إلى العاضد فسر به ، ودعا العاضد ولد شاور الكامل فقتله في الدهليز ، وقتل أخاه ، واستوزر أسد الدين على ما ذكرنا ، وقتل شاور في ربيع الآخر.
وفيها توفي أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين ، أقام في الوزارة شهرين وأياما لأنه وزر في ربيع الآخر ، وتوفي فجاءة يوم السبت ثاني عشرين جمادى الآخرة ، وكانت وزارته شهرين وخمسة أيام ، وكان كثير الأكل للحوم الغليظة ، وكان يواتر التخم والخوانيق ، فاعتراه خانوق عظيم فقتله ، ودفن بظاهر القاهرة إلى أن مات أخوه نجم الدين أيوب ، فحملا جميعا إلى مدينة النبي صلىاللهعليهوسلم فدفنا في رباطيهما ، ولما مات كان قد أوصى إلى ابن أخيه صلاح الدين ، فاختلف الأمراء عليه ومنهم عز الدين الياروقي رأس الأتراك ، وسيف الدين علي بن أحمد الهكاري المشطوب ملك الأكراد ، وشهاب الدين محمود صاحب حارم ، وهو خال صلاح الدين وجماعة ، وكل واحد منهم رام أن يكون له الأمر ، فبادر العاضد واستدعى صلاح الدين ، وخلع عليه في الايوان خلعة الوزارة ، وكتب عهده كما فعل بأسد الدين ، ولقبه الملك الناصر ، وقيل إنما لقبه المستضيء بعد ذلك ، وشرع الفقيه عيسى في تفريق البعض عن البعض ، واصلاح الأمور لصلاح الدين ، وبذل صلاح الدين الأموال وأحسن إلى جميعهم ، وأقام نائبا عن نور الدين يدعى لنور الدين على المنابر بعد العاضد ولصلاح الدين بعدهما.
وذكر الحافظ ابن عساكر أسد الدين فقال : قد ولي دمشق ، وأقام يحارب الفرنج ، وفتح حصونا كثيرة ، وكان شجاعا مقداما صارما مهيبا ، وحج سنة خمس وخمسين وخمسمائة وذكر فتوح مصر.