ثم إن الفرنج طلبوا من شاور أن يكون لهم شحنة بالقاهرة وتكون أبوابها بأيدي فرسانهم ، ويحمل إليهم في كل سنة مائة ألف دينار ، ومن سكن منهم القاهرة يبقى على حاله ، ويعود بعض ملوكهم إلى الساحل ، وكان نور الدين ينظر من ستر رقيق ، ويخاف على مصر غلبة الفرنج فسار بعساكره إلى الساحل وفتح المنطيرة ، وقلاعا كثيرة ، فخاف من كان بمصر من الفرنج فعادوا إلى الساحل في سنة أربع وستين وخمسمائة ، وسنذكره.
السنة الثالثة والستون وخمسمائة
وفيها ....
السنة الرابعة والستون وخمسمائة
وفي المحرم ملك نور الدين محمود قلعة جعبر ، خرج صاحبها مالك العقيلي فأخذه بنو كلاب وذهبوا به إلى نور الدين ، فأحسن إليه وأكرمه وقال أنت عاجز عن حفظها فاختر ما سميت من البلاد والاقطاعات فامتنع ، فأرسل إليها نور الدين فخر الدين مسعود بن علي الزعفراني ومجد الدين ابن الداية فحصراها ، فلم يقدرا عليها ، ثم ان صاحبها طلب من نور الدين سروج وأعمالها ومالا فأعطاه وتسلمها ، وهذه القلعة ما زالت في يد بني مالك من أيام السلطان ملك شاه إلى هذه السنة ، وبلغ نور الدين أنهم كان لهم رجال يقطعون الطريق.
وفي صفر خرج الفرنج من عسقلان والساحل طالبين الديار المصرية ، فنزلوا على بلبيس وأغاروا على الريف فقتلوا وأسروا ، فأخرج شاور من كان بالقاهرة من الفرنج ، وقتل البعض وهرب الباقون ، وأمر شاور أهل مصر أن ينتقلوا إلى القاهرة وأحرق مصر ، وسار الفرنج من بلبيس فنزلوا على القاهرة في تاسع صفر ، وضايقوها وضربوها بالمناجيق ، فلم يجد شاور بدا أن كتب لنور الدين بأمر العاضد ، وكان الفرنج لما وصلوا إلى مصر في المرتين الأولتين اطلعوا على عوراتها وطمعوا فيها ، وعلم