قرأت القرآن على أبي محمد بن طاووس ، وأبي بكر القرطبي ، وسمعت الحديث من نصر بن ابراهيم المقدسي وغيره ، وكانت محبة للعلماء وأهل الخير حنفية المذهب ، وهي التي بنت مسجد خاتون على الشرف بأرض صنعاء من دمشق ، وأوقفت عليه الأوقاف الكثيرة ، وليست خاتون التي بنت خانقاه الصوفية على الشرف القبلي من القبلة ، تلك بنت معين الدين أنر زوجة نور الدين محمود بن زنكي ، وتزوجها صلاح الدين ، وسنذكرها بعد الثمانين وخمسمائة ، ودفنت بجبل قاسيون ، وهي التي بنت مدرسة خاتون بدمشق.
وأما صاحبة هذه الترجمة فهي التي ساعدت على قتل ابنها شمس الملوك اسماعيل لما كثر فساده وسفكه للدماء وقتله خواص أبيه ومصادرات الناس ومواطأة الفرنج على بلاد المسلمين ، فأراحت منه العباد ، وطهرت منه البلاد.
وقال الحافظ ابن عساكر : دبرت عليه حتى قتل بحضرتها ، وأقامت أخاه محمودا مكانه ، وقد ذكرنا ذلك ، وتزوجها أتابك زنكي طمعا في دمشق فلم يظفر بطائل ، ونقلها إلى حلب ، ولما قتل أتابك على قلعة جعبر عادت إلى دمشق فأقامت مدة ، ثم حجت على طريق العراق ودخلت بغداد وعادت إلى الحج فجاورت بها سنة حتى توفيت ، ودفنت بالبقيع ، وكان قد قل ما بيدها فبلغني أنها كانت بالمدينة تغربل القمح والشعير وتتقوت بأجرهما ، وكانت كثيرة البر والصدقات والصوم رحمها الله تعالى.
وفيها أقام نور الدين بحمص أياما ، ثم نزل بلاد الفرنج فنزل بالبقيعة تحت حصن الأكراد عازما على حصار طرابلس ، ومعه خلق عظيم وضربوا خيامهم ، ولم يكن للمسلمين يزك ولا طليعة ظنا من نور الدين أنهم لا يقدمون عليه ، فبينما الناس وسط النهار لم يرعهم إلا ظهور الصلبان من وراء الجبل الذي عليه الحصن ، فالسعيد من ركب فرسه