المصرية أقام وزيرا سبع سنين على أحسن الوجوه ، وبسط العدل والإحسان ، فلما كان العاشر من رجب وثب عليه باطني بين القصرين فضربه بسكين في رأسه ، ثم في ترقوته فحمل إلى داره ، وقتل الباطني ومات طلائع من الغد ، فحزن الناس عليه ، وبكوا وأقيمت المآتم بين القصرين والشوارع ومصر لأنه كان جوادا محسنا مشفقا على الرعية ، دينا صالحا كاسمه ، كثير الصدقات ، حسن الآثار بنى جامعا على باب زويلة ، وآخر بالقرافة في سنة أربعين وخمسمائة وبنى تربة إلى جانبه ، وهو مدفون بها ، وعمر المساجد ، وكان يفتقد أرباب البيوت ، وكان فاضلا شاعرا ، وله ديوان مليح ، ورثاه الشعراء وقام بعده ولده رزيك بن طلائع بأمر الوزارة ، ولقب بمجد الاسلام ابن الصالح طلائع سنة تسع وأربعين وخمسمائة ، وقتل في دهليز القصر سنة ست وخمسين وخمسمائة.
السنة السابعة والخمسون وخمسمائة ......
وفيها حاصر نور الدين محمود بن زنكي حصن حارم ، واجتمع الفرنج وراسلوه ولاطفوه ، وكانوا خلقا عظيما ، فرجع إلى حلب ، وكان معه مؤيد الدين أسامة بن مرشد بن منقذ الذي أخرجه عمه من شيزر ونزل بدار إلى جانبها مسجد ، وكان قد نزل بها عام أول وحج ثم عاد إلى المنزل بعد عوده من الغزاة فكتب على حائط المسجد :
لك الحمد يا مولاي كم لك منة |
|
علي وفضل لا يحيط به شكري |
نزلت بهذا المقام إذ كنت قافلا |
|
من الغزو موفور النصيب من الأجر |
ومنه رحلت العيس في عامي الذي |
|
مضى نحو بيت الله والركن والحجر |
فأديت مفروضي وأسقطت ثقل ما |
|
تحملت من وزر الشباب على ظهري (٧) |
وفيها توفيت زمرد خاتون بنت جاولي أخت الملك دقاق بن تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان ، وأم شمس الملوك اسماعيل ، وشهاب الدين محمود ابني بوري بن طغتكين.