عشرة درجة وخمس دقائق ، وفي ليلة الجمعة من صفر من هذه السنة توفي الأمير مجاهد الدين بزان بن مامين (١) أحد مقدمي أمراء الأكراد ، والوجاهة في الدولة ، رحمهالله ، موصوف بالشجاعة ، والبسالة والسماحة ، مواظب على بث الصلات والصدقات ، في المساكين والضعفاء والفقراء ، مع الزمان ، وكل عصر ينقضي وأوان ، جميل المحيا ، حسن البشر في اللقاء ، وحمل من داره بباب الفراديس إلى الجامع للصلاة ، ثم إلى المدرسة المشهورة (٢) باسمه ، فدفن فيها في اليوم ، ولم يخل من باك عليه ومؤبن له ، ومتأسف على فقده بجميل أفعاله وحميد خلاله ، ورثي بهذه الأبيات المختصرة وهي :
كم غافل وسهام الموت مصمية |
|
تصميه في غفلة منه ونيسان |
بينا تراه سريع الخطو في وطر |
|
حتى تراه صريعا بين أكفان |
كذاك كان بزان في إمارته |
|
ما بين جند وأنصار وأعوان |
هبت رياح الرزايا في منازله |
|
فغادرتها بلا أنس وجيران |
أمسى بقبر وحيدا جنب مدرسة |
|
بلا رفيق ولا خل وإخوان |
ما عاينت نعشه عين مؤرقة |
|
إلا بكته بأنواء وتهتان |
فرحمة الله لا تنفك زائرة |
|
لحدا حوى جسمه منه بغفران |
ولا اغبت ثراه كل مرعدة |
|
تهمي عليه بغيث ليس بالواني |
حتى تروضه منها بصيبها |
|
بكل زهر غضيض ليس بالفاني |
ما دامت الشهب في الأفلاك دائرة |
|
وناحت الورق ليلا بين أغصان (١٩٦ و) |
من يفعل الخير في الدنيا فقد ظفرت |
|
يداه بالحمد من قاص ومن دان |
وفي يوم الخميس مستهل صفر من السنة ، رفع القاضي زكي الدين
__________________
(١) في حاشية الأصل بخط مخالف : قلت : هذا مجاهد الدين ، هو أبو الفوارس بزان بن مامين بن علي بن محمد ، وهو من الأكراد الجلالية ، وهي طائفة منهم ، بلادهم في العراق ، بنواحي دقوقا من أعمال بغداد.
(٢) كانت لصيق باب الفراديس المجدد ، تغير اسمها وصار الآن «جامع السادات» انظر منادمه الأطلال : ١٤٦ ـ ١٤٨.