وأصحابهم الواردين ، لجهاد الروم والأفرنج ، في يوم الجمعة السابع عشر من جمادى الأولى من السنة ، سماطا عظيما هائلا تناهى فيه بالاستكثار من ذبح الخيول والأبقار والأغنام ، وما يحتاج إليه في ذلك ، مما لا يشاهد مثله ، ولا شبه له ، مما قام بجملة كبيرة من الغرامة ، وفرق من الحصن العربية ، والخيول ، والبغال العدد الكثير ، ومن الخلع وأنواع الديباج المختلفة وغيره والتحوف الذهب الشيء الكثير ، الزائد على الكثرة ، وكان يوما مشهودا في الحسن والتجمل ، واتفق أن جماعة من غرباء التركمان ، وجدوا من الناس غفلة باشتغالهم بالسماط وانتهابه فغاروا على العرب من بني أسامة وغيرهم ، واستاقوا مواشيهم ، فلما ورد الخبر بذلك ، أنهض في إثرهم فريق وافر من العسكر المنصور ، فأدركوهم ، واستخلصوا منهم جميع ما أخذوه ، وأعيد إلى أربابه ، وسكنت النفوس بعد انزعاجها ، والله المحمود المشكور.
ثم تقرر الرأي الملكي النوري ، أعلاه الله ، على التوجه إلى مدينة حران لمنازلتها واستعادتها من أخيه نصرة الدين ، حسبما رآه في ذلك من الصلاح ، ورحل في العسكر المنصور ، في أول جمادى الآخرة ، فلما نزل عليها ، وأحاط بها ، وقعت المراسلات والاقتراحات والممانعات ، والمحاربات ، إلى أن تقررت الحال على إيمان (١٩٥ ظ) من بها ، وتسلمت في يوم السبت الثالث والعشرين من جمادى الآخرة المذكور ، وقررت أحوالها ، وأحسن النظر إليها في أحوال أهليها ، وسلمت إلى الأمير الأجل الأسفهسلار ، زين الدين ، على سبيل الاقطاع له ، وفوض إليه تدبير أمورها.
ودخلت سنة خمس وخمسين وخمسمائة
وأولها يوم الثلاثاء مستهل المحرم ، والشمس في كح درجة وكح دقيقة من الجدي ، والثاني عشر من كانون الثاني ، والطالع القوس سبع