كان ورد معهم من مكاتبات الملك العادل الصالح ، متولي أمرها عن الملك العادل نور الدين أعز الله نصره.
ووردت الأخبار من ناحية ملك الروم باعتزامه على أنطاكية ، وقصد المعاقل الإسلامية ، فبادر الملك العادل نور الدين بالتوجه إلى البلاد الشامية ، لإيناس أهلها من استيحاشهم من شر الروم والأفرنج ، خذلهم الله ، فسار في العسكر المنصور ، صوب حمص وحماة وشيزر ، والاتمام إلى حلب إلى أن اقتضت الحال ذلك ، في يوم الخميس الثالث من شهر ربيع الأول من السنة (١٩٤ ظ) وفي ليلة الأحد الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول من السنة ، وافت في انتصافه زلزلة هائلة ماجت أربع موجات ، أيقظت النيام ، وأزعجت اليقظى ، وخاف كل ذي مسكن مضطرب على نفسه ، وعلى مسكنه ، ثم سكنها محركها بلطفه ورحمته ، فله الحمد الرؤوف بعباده ، الرحيم ، ولم يعلم تأثيرها في الأماكن النائية ، فسبحان القادر على ما يشاء العليم الحكيم.
وفي العشر الأول من شهر ربيع الآخر من السنة ، ورد الخبر من ناحية حلب بوفاة أبي الفضل اسماعيل بن وقار الطبيب ، في يوم الجمعة آخر شهر ربيع الأول ، رحمهالله ، وكان في خدمة الملك العادل نور الدين ، أعز الله أنصاره ، وكان قد حظي عنده بإصابات في صنائعه وقرب سعادته ، مع ذكاء فيه ، ومعرفة ، بكونه سافر إلى بغداد من دمشق ، واجتمع بجماعة من فضلائها ، وقرأ عليهم ، وأخذ عنهم هذا مع خبرته ، وحميد طريقته ، واجتماع الناس على إحماده ، والتأسف على فقد مثله ، في حسن فعله ، لكن القضاء لا يدافع ، والمقدور لا يمانع.
وفي يوم الجمعة التاسع من جمادى الأولى ، من السنة ، هبت ريح شديدة ، أقامت يومها وليلتها فأتلفت أكثر الثمار صيفيها وشتويها ، وأفسدت بعض الأشجار ، ثم وافت آخر الليل زلزلة هائلة ، ماجت موجتين أزعجت وأقلقت ، وسكنها محركها ، وحرس المساكين مثبتها برحمته وقدرته ، فله الحمد والشكر ، رب العالمين.