أسد الدين ، ووزيره ، وهو موصوف بالخيرية ، محمود الأفعال ، مشكور المقاصد ، في جميع الأحوال والخلال ، واستخدم ولده في منصبه.
وتلا ذلك ورود الخبر من ناحية حماة في العشر الأخير من ذي الحجة من السنة ، بوفاة رضي الدين أبي المجد مرشد بن علي بن عبد اللطيف المعري بحماة ، رحمهالله ، وكان من الرجال الأسداء الكفاة ، فيما كان يستنهض فيه في الأيام الأتابكية ، وكذلك في الأيام النورية ، وكان مع ذلك موصوفا بالخيرية ، وسلامة الطبع ، مستمرا في ذلك على منهاج أسرته.
وكانت الأخبار قد تناصرت من ناحية القسطنطينية ، في ذي الحجة من السنة ، ببروز ملك الروم منها ، في العدد الكثير ، والجم الغفير ، لقصد الأعمال والمعاقل الإسلامية ، ووصوله إلى مرج الديباج ، وتخييمه فيها ، وبث سراياه للإغارة على الأعمال الأنطاكية وما والاها ، وأن قوما من التركمان ظفروا بجماعة منهم ، هذا بعد أن افتتح من أعمال (١) لاوين ملك الأرمن عدة من حصونه ومعاقله ، ولما عرف الملك العادل نور الدين هذا ، شرع في مكاتبة ولاة الأعمال والمعاقل ، بإعلامهم ما حدث من (١٩٣ و) الروم ويبعثهم على استعمال التيقظ ، والتأهب للجهاد فيهم ، والاستعداد للنكاية بمن يظفر منهم ، والله تعالى ولي النصر عليهم ، والإظفار بهم ، كما جرت عوائده الجميلة في خذلانهم ، والإظهار عليهم ، ورد بأسهم في نحورهم ، وهو تعالى على ذلك قدير.
وقد اتفق في هذه السنة السعيدة التي هي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ، منذ ابتداء تشرين الثاني الكائن فيها إلى أوائل شباط أن السماء ، بأمر خالقها ، أرسلت عزاليها ، بتدارك الثلوج والأمطار ، مع توالي الليل والنهار ، بحيث عمت الأقطار ، وروت الوهاد والأغوار ، والبراري والقفار ، وجرت الأودية وتتابعت السيول بمائها المصندل
__________________
(١) في الأصل : الأعمال ، والتقويم من الروضتين : ١ / ١٢٢.