بإبطال هذه الرسوم جميعها ، وتعفيه ذكرها ، فبالغ العالم في ذلك من مواصلة الأدعية للملك العادل ، والثناء عليه ، والنشر لمحاسنه ، فالله تعالى يستجيب منهم ، ويديم أيامه ويقرن أيامه بالسعادة والنصر ، لأوليائه وأعلامه.
وفي يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من شهر رمضان من السنة ، وصل الحاجب محمود المسترشدي (١) من ناحية مصر بجواب ما تحمله من المراسلات من الملك الصالح متولي أمرها (١٩٢ ظ) ، ومعه رسول من مقدمي أمرائها ، ومعه المال المنفذ برسم الخزانة الملكية النورية ، وأنواع الأثواب المصرية والجياد العربية ، وكانت فرقة من الأفرنج خذلهم الله قد ضربوا لهم في المعابر ، فأظفر الله بهم ، بحيث لم يفلت منهم إلا القليل النزر ، ثم تلا ذلك ورود الخبر من العسكر المصري ، بظفره بجملة وافرة من الأفرنج والعرب تناهز أربعمائة فارس ، وتزيد على ذلك ، في ناحية العريش من الجفار ، بحيث استولى عليهم القتل والأسر والسلب ، وكان فتحا حسنا ، وظفرا مستحسنا ، والله المحمود على ذلك المشكور.
وفي يوم الثلاثاء ثالث شوال من السنة توفي المنتجب أبو سالم بن عبد الرحمن الحلبي ، متولي كتابة الجيش ، وعرض الأجناد في ديوان الملك العادل نور الدين رحمهالله ، وكان خيرا حسن الطريقة ، مجمعا (٢) على شكره والتأسف على فقد مثله ، وتلا مصابه وفاة المهذب أبي عبد الله بن نوفل الحلبي ، في دمشق أيضا ، رحمهالله في يوم الجمعة السادس والعشرين من ذي القعدة من السنة ، وكان كاتبا للأمير الاسفهسلار
__________________
(١) في الأصل «محمود المولد من ناحية مصر بجواب ما تحملنا» وقد أصاب بعض العبارات تصحيف تم تقويمه من الروضتين : ١ / ١٢١. وكان المسترشدي رسول نور الدين ، وبصحبته الأمير عز الدين أبو الفضل غسان بن محمد بن جلب ، وقد جهز الملك الصالح «رسول محمود ابن زنكي بجواب رسالته ، ومعه هدية منها من الأسلحة وغيرها ما قيمته ثلاثون ألف دينار ، ومن العين ما مبلغه سبعون ألف دينار تقوية له على جهاد الأفرنج». اتعاظ الحنفا : ٣ / ٢٣٣ ـ ٢٣٦.
(٢) في الأصل «مجموعا» وما أثبتناه أقوم.