جرى على بلاد الشام من تتابع الزلازل فيها ، وهدم ما هدمت منها ، ووافت الأخبار من ناحية حلب بأن هذه الزلزلة المذكورة جاءت في حلب هائلة قلقلت من دورها وجدرانها العدد الكثير ، وأجفل منها أهلها إلى ظاهرها خوفا على نفوسهم ، وأنها كانت بحماة أعظم ما كانت في غيرها ، وأنها هدمت ما كان عمر فيها من بيوت يلتجأ إليها ، وأنها دامت فيها أياما كثيرة في كل يوم عدة وافرة من الرجفات الهائلة ، وتتبعها صيحات مختلفات توفي على أصوات الرعود القاصفة المزعجة ، فسبحان من له الحكم والأمر ، ومنه تؤمل الرحمة واللطف ، وهو على كل شيء قدير ، وتلا بعد ذلك رجفات متوالية ، أخف من غيرهن ، فلما كان في ليلة السبت العاشر من شوال وافت زلزلة هائلة بعد صلاة العشاء الآخرة أزعجت وأقلقت ، وتلاها في إثرها هزة خفيفة ، ثم سكنهما محركهما بقدرته ورأفته بأهل دمشق ورحمته فله الحمد والشكر رب العالمين.
وفي يوم الثلاثاء الرابع عشر من شوال من السنة ورد الخبر من ناحية بصرى ، باستشهاد واليها فخر الدين سرخاك غيلة في مقره من حصنها ، بتدبير تقرر بين الأمير علي بن جولة زوج ابنته ، ومن وافقه من أعيان خاصته وأماثل بطانته ، وكان فيه إفراط من التحرز واستعمال التيقظ ولكن القضاء لا يغالب ولا يدافع ، والمحتوم النافذ لا يمانع.
وفي أول ليلة الأحد العشرين من شوال من السنة ، توفي الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن سلامة السكوني بمرض عرض له ، وقد علت سنه ، وبلغ سبعا وتسعين سنة ، المعروف بابن الحراسي ، وكان شيخا ظريفا ، حسن الهيئة ، نظيف اللبسة ، أديبا فاضلا حسن المحاضرة عند (١٨٨ ظ) المباثثة والمذاكرة ، وكان أكثر زمانه مقيما بشيزر بين آل منقذ مكرما محترما رحمهالله.
وفي ليلة السبت العاشر من ذي القعدة من السنة ، وافت أولها زلزلة ،