وأتلفت سلمية وما اتصلت بها إلى ناحية الرحبة ، وما جاورها ولو لم تدرك العباد والبلاد رحمة الله تعالى ولطفه ورحمته ورأفته ، لكان الخطب الخطير ، والأمر الفظيع المزعج بحيث نظم في ذلك من قال :
روعتنا زلازل حادثات |
|
بقضاء قضاه رب السماء |
هدمت حصن شيزر وحماة |
|
أهلكت أهلها بسوء القضاء |
وبلادا كثيرة وحصونا |
|
وثغورا موثقات البناء |
وإذا ما رنت عيون إليها |
|
أجرت الدمع عندها بالدماء |
وإذا ما قضى من الله أمر |
|
سابق في عباده بالمضاء |
حار قلب اللبيب فيه ومن ك |
|
ان له فطنة وحسن ذكاء |
وتراه مسبحا باكي العين |
|
مروعا من سخطه وبلاء |
جل ربي في ملكه وتعالى |
|
عن مقال الجهال والسفهاء |
وأما أهل دمشق ، فلما وافتهم الزلزلة من هولها ، أجفلوا من منازلهم والمسقف إلى الجامع والأماكن الخالية من البنيان ، خوفا على نفوسهم ووافت بعد ذلك أخرى ، وفتح باب البلد ، وخرج الناس إلى ظاهره والبساتين ، والصحراء ، وأقاموا عدة ليال (١٨٧ ظ) وأيام على الخوف
والجزع .. يسبحون ويهللون ، ويرغبون إلى خالقهم ورازقهم في العفو عنهم ، واللطف بهم ، والله تعالى ولي الإجابة ، وقبول الرغبة والإنابة.
ووردت الأخبار مع ذلك من ناحية العراق في أوائل رجب سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بوفاة السلطان غياث الدنيا والدين أبي الحارث سنجر ابن السلطان العادل أبي الفتح ابن السلطان ألب أرسلان ، وهو سلطان خراسان ، عقيب خلاصه من الشدة التي وقع فيها ، والأسر الذي حصل فيه وكان يحب العدل والإنصاف للرعايا ، حسن الفعل ، جميل السيرة ، وقد علت سنه وطال عمره ، وتولاه الله برحمته وسابغ مغفرته بفضله ورأفته.