المشركون فيها ، وقرب عساكر الملك ابن مسعود منها ، والله الموفق له فيما يراه ، ويقصده ويتوخاه.
وفي الساعة التاسعة من يوم الاثنين الرابع من رجب سنة اثنتين وخمسين وافت زلزلة عظيمة في دمشق لم ير مثلها فيما تقدم ، ودامت وجفاتها حتى خاف الناس على أنفسهم ومنازلهم ، وهربوا من الدور والحوانيت والسقايف ، وانزعجوا وأثرت في مواضع كثيرة ، ورمت من فص الجامع الكثير الذي يعجز عن إعادة مثله ، ثم وافت عقيبها زلزلة في الحال ، ثم سكنتا بقدرة من حركهما ، وسكنت نفوس الناس من الروعة والخوف برحمة خالقهم ورازقهم ، لا إله إلا هو الرؤوف الرحيم ، ثم تبع ذلك في أول ليلة اليوم المذكور زلزلة ، وفي وسطه زلزلة ، وفي آخره زلزلة أخف من الأولى ، والله تبارك وتعالى لطيف بعباده وبلاده ، وله الحمد والشكر ، رب العالمين ، وتلا ذلك في يوم الجمعة الثامن من رجب زلزلة مهولة أزعجت الناس ، وتلاها في النصف منها ثانية ، وعند انبلاج الصباح ثالثة ، وكذلك (١٨٧ و) في ليلة السبت ، وليلة الأحد ، وليلة الاثنين ، وتتابعت بعد ذلك بما يطول به الشرح.
ووردت الأخبار من ناحية الشمال ، بما يسوء سماعه ويرعب النفوس ذكره ، بحيث انهدمت حماة وقلعتها ، وسائر دورها ومنازلها على أهلها ، من الشيوخ والشبان والأطفال والنسوان ، وهم العدد الكثير ، والجم الغفير ، بحيث لم يسلم منهم إلا القليل اليسير.
وأما شيزر فإن ربضها سلم ، إلا ما كان خرب أولا ، وأما حصنها المشهور فإنه انهدم على واليها تاج الدولة بن أبي العساكر بن منقذ رحمهالله ومن تبعه ، إلا اليسير ممن كان خارجا ، وأما حمص فإن أهلها كانوا قد أجفلوا منها إلى ظاهرها ، وسلموا وتلفت مساكنهم ، وتلفت قلعتها ، وأما حلب فهدمت بعض دورها ، وخرج أهلها و (أما ما) بعد عنها من الحصون والمعاقل إلى جبلة وجبيل فأثرت فيها الآ (ثار) المستبشعة ،