مروعة هائلة ، أزعجت وأقلقت ، وضج الناس بالتهليل والتسبيح والتقديس ، وفي ليلة الأحد الرابع من جمادى الآخرة من السنة في آخرها عند صلاة الغداة ، وافت زلزلة هائلة ، وجاء بعدها أخرى دونها ، وتواصلت الأخبار من ناحية الشمال ، بأن هذه الزلازل أثرت في حلب تأثيرا أزعج أهلها وأقلقهم ، وكذلك في حمص ، وهدمت مواضع فيها وفي حماة وكفر طاب وأفامية ، وهدمت فيها ما كان من هدم ما بني من المهدوم بالزلازل الأول ، وحكي عن تيماء ان هذه الزلازل أثرت في مساكنها ، تأثيرا مهولا.
وفي العشر الثاني من جمادى الآخرة تواصلت (١٨٦ ظ) الأخبار بوصول ولد السلطان مسعود في خلق كثير للنزول على أنطاكية ، وأوجبت الصورة تقرير المهادنة بين الملك العادل نور الدين وملك الأفرنج ، وتكررت المراسلات بينهما ، والاقتراحات والمشاجرات ، بحيث فسد الأمر ، ولم يسفر على ما يؤثر من الصلاح ، ومرضي الاقتراح المقرون بالنجاح ، ووصل الملك العادل نور الدين ، أعز الله نصره إلى مقر عزه ، في بعض عسكره ، في يوم السبت الخامس والعشرين من جمادى الآخرة من السنة ، وأقر بقية عسكره ومقدميه مع العرب ، بإزاء أعمال المشركين ، خذلهم الله.
وكانت الأخبار تناصرت من بغداد ، بإظهار أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله أعز الله نصره على عسكر السلطان [محمد شاه](١) المخالف لأمره ، ومن انضم إليه من عسكر الموصل وغيره ، بحيث قتل منهم العدد الكثير ، والجم الغفير ، ورحلوا عن بغداد مفرقين مفلولين خاسرين ، بعد المضايقة والتناهي في المحاصرة والمصابرة.
وفي يوم الأحد الثالث من رجب توجه الملك العادل نور الدين إلى ناحية حلب وأعمالها ، لتجديد مشاهدتها ، والنظر في حمايتها ، بحيث عبث
__________________
(١) الإضافة من الباهر لابن الأثير : ١١٣.