الأسرى ، ورؤوس القتلى ، وعددهم من الخيول المنتخبة والطوارق والقنطاريات إلى البلد في اليوم الاثنين تالي اليوم المذكور ، وطيف بهم فيه فسرت القلوب بمشاهدتهم ، وأكثروا الشكر لله على هذه النعمة المستهلة بعد الأولى المتكملة ، والله المأمول لتعجيل هلاكهم وبوارهم ، وما ذلك على الله بعزيز ، وتتلو هذه الموهبة المجددة سقوط الطائر من المعسكر المحروس ببانياس في يوم الثلاثاء يتلو المذكور ، بذكر افتتاح تناهي النقب ، وإطلاق النار فيه ، وسقوط البرج المنقوب ، وهجوم الرجال فيه ، وبذل السيف في قتل من فيه ، ونهب ما حواه ، وانهزام من سلم إلى القلعة وانحصارهم بها ، وأن أخذهم بمشيئة الله تعالى لا يبطىء ، والله يسهله ويعجله.
واتفق بعد ذلك للأقضية المقدرة أن الأفرنج تجمعوا من معاقلهم ، عازمين على استنقاذ الهنفري ، صاحب بانياس ، ومن معه من أصحابه الأفرنج المحصورين بقلعة بانياس ، وقد أشرفوا على الهلاك ، وبالغوا في السؤال للأمان للمولى نور الدين ، ويسلمون ما في أيديهم من القلعة ، وما حوته لينجو سالمين ، فلم يجبهم إلى ما سألوه ورغبوا فيه ، فلما وصل ملك الأفرنج في جمعه من الفارس والراجل من ناحية الجبل على حين غفلة من العسكرين النازلين : على بانياس لحصارها ، والنازل على الطريق لمنع الواصل إليها ، اقتضت السياسة الاندفاع عنها ، بحيث وصلوا إليها واستخلصوا من كان فيها ، فحين شاهدوا ما عم بانياس من خراب سورها ، ومنازل سكانها ، يئسوا من عمارتها بعد خرابها ، وذلك في أيام من العشر الأخير من شهر ربيع الآخر.
وفي يوم الأربعاء التاسع من جمادى الأولى سقطت الأطيار بالكتب من المعسكر المحروس النوري ، تتضمن الإعلام بأن الملك العادل نور الدين ، أعز الله نصره ، لما عرف أن معسكر الكفرة الأفرنج على الملاحة بين طبرية وبانياس ، نهض في عسكره المنصور من الأتراك والعرب ،