أدام الله أيامه إلى ناحية بعلبك ، لتفقد أحوالها وتقرير أمر المستحفظين لها ، وتواصلت الأخبار إليه من ناحية حمص وحماة بإغارة الأفرنج الملاعين على تلك الأعمال ، وإطلاقهم فيها أيدي العيث والفساد ، والله تعالى يحسن الإدالة منهم ويعجل البوار عليهم ، والإهلاك لهم.
وفي يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، توجه زين الحجاج كتب الله سلامته ، إلى ناحية مصر رسولا من المولى نور الدين ، لإيصال ما صحبه من المطالعات إلى صاحب الأمر فيها ، وصحبته أيضا الرسول الواصل منها.
وفي يوم الأحد الخامس عشر من شهر ربيع الأول ، ورد المبشر من المعسكر المنصور برأس الماء ، بأن نصرة الدين أمير ميران ، لما انتهى إليه خبر الأفرنج الملاعين بأنهم قد أنهضوا سرية وافرة من العدد من أبطالهم (١٨٤ و) الموفورة العدد إلى ناحية بانياس لتوليها وتقويتها بالسلاح والمال ، أسرع النهضة إليهم في العسكر المنصور ، وقد ذكر أن عدتهم سبعمائة فارس من أبطال الاسبتارية والسرجندية والداوية ، سوى الرجالة ، فأدركهم قبل الوصول إلى بانياس ، وقد خرج إليهم من كان فيها من حماتها ، فأوقع بهم ، وقد كان كمن لهم في مواضع كمناء من شجعان الأتراك ، وجالت الحرب بينهم ، واتفق اندفاع المسلمين بين أيديهم في أول المجال ، وظهر عليهم الكمناء ، فأنزل الله نصره على المسلمين وخذلانه على المشركين ، فتحكمت من رؤوسهم ورقابهم مرهفات السيوف ، بقوارع الحمام والحتوف ، وتمكنت من أجسادهم مشرعات الرماح وصوارم السهام ، بحيث لم ينج منهم إلا القليل ممن ثبطه الأجل ، وأطار قلبه الوجل ، وصاروا بأجمعهم بين قتيل وجريح ومسلوب وأسير وطريح ، وحصل في أيدي المسلمين من خيولهم وعدد سلاحهم وكراعهم وأموالهم وقراطيسهم وأسراهم ، ورؤوس قتلاهم ، ما لا يحد كثرة ، ومحقت السيوف عامة رجالتهم من الأفرنج ، ومسلمي جبل عاملة المضافين إليهم ، وكان