في مدينة شيزر وحماة ، وكفرطاب وأفامية ، وما والاها إلى مواضع من حلب ، والله تعالى ذكره وعز اسمه أعلم وأرحم لخلقه.
وفي العشر الأخير من صفر ورد كتاب السلطان غياث الدنيا والدين أبي الحارث سنجر بن السلطان العادل أبي الفتح بن السلطان ألب أرسلان ، أعز الله نصره إلى الملك العادل نور الدين ، أدام الله أيامه ، بالتشوق إليه والإحماد (١٨٣ ظ) بخلاله ، وما ينتهي إليه من جميع أفعاله ، وإعلامه ما من الله عليه به من خلاصه من الشدة التي وقع فيها ، والأسر الذي بلي به في أيدي الأعداء الكفرة من ملوك التركمان ، بحيلة دبرها وسياسة أحكمها وقررها ، بحيث عاد إلى منصبه من السلطنة المشهورة ، واجتماع العساكر المتفرقة عنه إليه ، وإذعانها بطاعته ، وامتثالها لأوامره وأمثلته ، وإحسان وعده لكافة المسلمين بنصره على أحزاب الضلال من الأفرنج الملاعين.
وتواصلت مع ذلك إلى نور الدين رسل أرباب الأعمال والمعاقل والولايات ، بالاستعداد للخفوف إلى أعداء الله الملاعين ، وغزو من بإزائه من المشركين ، الأضداد المفسدين في البلاد ، والناكثين أيمانهم الموكدة في الموادعة والمهادنة ، فعند ذلك أمر المولى نور الدين بزينة البلد المحروس سرورا بهذه الأحوال ، وفعل في ذلك ما لم تجر عادة فيما تقدم في أيام الولاة الخالية ، وأمر مع ذلك بزينة قلعته ودار مملكته بحيث جلل أسوارها بالآلات الحربية من الجواشن والدروع والتراس والسيوف والرماح والطوارق الأفرنجية ، والقنطارات والأعلام والمنجوقات والطبول والبوقات ، وأنواع الملاهي المختلفات ، وهرعت الأجناد والرعايا وغرباء البلاد من المسافرين لمشاهدة الحال فشاهدوا ما استحسن منه ، مدة سبعة أيام فالله تعالى يقرن ذلك بالتوفيق والإقبال ، وتحقيق الآمال في إهمال الكفرة أولي الأفك والضلال ، بمنه وفضله.
وفي يوم الثلاثاء الثالث عشر من ربيع الأول ، توجه المولى نور الدين