قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    تاريخ دمشق [ ج ١ ]

    تاريخ دمشق

    تاريخ دمشق [ ج ١ ]

    تحمیل

    تاريخ دمشق [ ج ١ ]

    505/846
    *

    وتبعه من تبعه ، واطلعوا علما نصبوه على السور ، وصاحوا : نور الدين يا منصور ، وامتنع الأجناد والرعية من الممانعة ، لما هم عليه من المحبة لنور الدين ، وعدله ، وحسن ذكره ، وبادر بعض قطاعي الخشب بفأسه إلى الباب الشرقي ، فكسر أغلاقه ، وفتح فدخل منه العسكر على رعب ، وسعوا في الطرقات ولم يقف أحد بين أيديهم ، وفتح باب توما أيضا ، ودخل الناس منه ثم دخل الملك نور الدين وخواصه ، وسر كافة الناس ومن الأجناد والعسكرية لما هم عليه من الجوع وغلاء الأسعار ، والخوف من منازلة الأفرنج الكفار.

    وكان مجير الدين لما أحس بالغلبة والقهر ، قد انهزم في خواصه إلى القلعة ، وأنفذ إليه وأومن على نفسه وماله ، وخرج إلى نور الدين ، فطيب نفسه ، ووعده الجميل ، ودخل القلعة في يوم الأحد المقدم ذكره ، وقد أمر نور الدين في الحال بالمناداة بالأمان للرعية ، والمنع من انتهاب شيء من دورهم ، وتسرع قوم من الرعاع والأوباش إلى سوق علي (١) وغيره ، فعاثوا ونهبوا ، وأنفذ المولى الملك نور الدين إلى أهل البلد بما طيب (١٧٧ ظ) نفوسهم ، وأزال نفرتهم ، وأخرج مجير الدين ما كان له في دوره بالقلعة والخزائن من المال ، والآلات ، والأثاث على كثرته إلى الدار الأتابكية ، دار جده ، وأقام أياما ، ثم تقدم إليه بالمسير إلى حمص في خواصه ، ومن أراد الكون معه من أسبابه وأتباعه ، بعد أن كتب له المنشور بإقطاعه عدة ضياع بأعمال حمص برسمه ، ورسم جنده وتوجه إلى حمص على القضية المقدرة (٢) ، ثم أحضر بعد ذلك اليوم أماثل

    __________________

    (١) على مقربة من القلعة ، حيث قام ما عرف باسم سوق الخيل إلى امتداد منطقة البحصة الحالية.

    (٢) أورد ابن الأثير في كتابه الباهر : ١٠٨ «وأما مجير الدين فإنه أقام بحمص ، وراسل أهل دمشق في إثارة الفتنة ، فأنهي الأمر إلى نور الدين ، فخاف أن يحدث ما يشق تلافيه ، بل ربما تعذر ، لا سيما مع مجاورة الفرنج ، فأخذ حمص من مجير الدين ، وعوضه عنها مدينة بالس ، فلم يرضها ، وسار عن الشام إلى العراق ، فأقام ببغداد ، وابتنى دارا تجاور المدرسة النظامية ، وتوفي بها».