به أياما وتوفي رحمهالله في دمشق يوم الأحد السادس والعشرين من شعبان من السنة ، وقيل إنه من بيت كبير في العلم والأصل ، ونظم فيه هذه الأبيات بصفة حاله في هذا الموضع ، ليعرف محله :
سررت أبا الفتوح نفوس قوم |
|
رأوك وحيد فضلك في الزمان |
حويت علوم أهل الأرض طرا |
|
وبينت الجلي من البيان |
دعيت الفيلسوف وذاك حق |
|
بما أوضحت من غرر المعاني |
ووافاك القضاء بعيد دار |
|
غريبا ما له في الفضل ثان |
فأودعت القلوب عليك حزنا |
|
يعض عليه أطراف البنان |
لئن بخل الزمان علي ظلما |
|
بأني لا أراك ولن تراني |
فقد قامت صفاتك عند مثلي |
|
مقام السمع مني والعيان |
سقى جدثا به أصبحت فردا |
|
ملث الغيث بهمي غير وان |
وفي أيام من تشرين الثاني الموافق لأيام من شعبان سنة ثمان وأربعين أرسل الله تعالى ، وله الحمد والشكر ، من الغيث المتدارك الهطال ما أحيا به الأرض بعد القحط والجدب ، وأجرى أودية حوران وأفعم بركها بعد جفافها ، وقيل إن هذا الغيث لم ير مثله في هذا الوقت في السنين الماضية ، وأنه أفرط في أعمال طبرية ، بحيث حدث منه سيل جارف هدم عدة من مساكنها ، ورماها إلى البحيرة ، فسبحان محيي عباده ، ومغيث بلاده.
وفي يوم الخميس انسلاخ شعبان من السنة توفي الإمام الفقيه برهان الدين أبو الحسن علي البلخي ، رئيس الحنفية رحمهالله ، ودفن في مقابر باب الصغير المجاور لقبور الشهداء ، رضياللهعنهم ، وكان من التفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة (١٧٥ ظ) رحمهالله ، ما هو مشهور شائع ، مع الورع والدين والعفاف والتصون ، وحفظ ناموس الدين ، والعلم والتواضع والتردد إلى الناس على طريقة مرضية ، وسجية محمودة ، لم يشاركه فيها غيره ، ووقع الأسف عليه من جميع الخاص والعام ، والتأبين له ، والحزن عليه.