وفي هذا الشهر غارت الأفرنج على ناحية بانياس ونهض شهاب الدين في العسكر في إثرهم فلم يدركهم وعاد إلى البلد.
وفي يوم الثلاثاء الرابع من صفر جاءت في دمشق زلزلة هائلة بعد الظهر ، اهتزت بها الأرض ثلاث مرات ، وتلاها في ليلة الجمعة وقت عشاء الآخرة ثانية اهتزت بها الأرض عدة مرات ، وفي ليلة الاثنين التاسع عشر من صفر عادت الزلزلة في الثلث منها ثلاث مرات ، فتبارك رب هذه القدرة الباهرة ، والآية الظاهرة ، وعادت في ليلة الأربعاء تتلوها في الربع الأخير من ليلة الجمعة ، وتناصرت الأخبار من الثقات السفار ، والواردين من ناحية الشمال بصفة هذه الرجفات المذكورات ، وأنها كانت في حلب ، وما والاها من البلاد والمعاقل والأعمال أشد ما يكون ، بحيث انهدم في حلب الكثير من الدور ، وتشعث السور ، واضطربت جدران القلعة ، وظهر أهل حلب من دورهم إلى ظاهره من خوفهم على نفوسهم ، ويقول المكثر من الحاكي أن الزلزلة جاءت تقدير مائة مرة ، وقوم يحققون أنها ثمانون مرة ، والله أعلم بالغيب والصواب ، تبارك الله رب العالمين ، القادر على كل شيء.
وفي يوم السبت السابع عشر من شعبان الموافق للتاسع من نيسان جاء رعد هائل مختلف من عدة جهات ، وبرق زائد ، وجلبات هائلة قبل الظهر ، ثم جاء مع ذلك مطر شديد الوقع ، وبرد هائل ، حكى بعض الثقات أنه وزن واحدة من كبار البرد ، فكان وزنها في ناحية الغوطة والمرج ثمانية دراهم ، وقال آخرون وزنوا واحدة ، فكانت سبعة عشر درهما ، وقتل كثيرا من الطير ، وأتلف كثيرا من الشجر والزرع والثمار.
وفي يوم الأربعاء النصف من شوال ، وردت الأخبار من ناحية مصر ، بالحادثة الكائنة بمصر بين الأجناد (١) بها ، بحيث قتل بينهم من الفريقين الخلق الكثير ، من : الخيالة ، والرجالة.
__________________
(١) تعلق هذا بالصراع بين الوزير رضوان والخليفة الحافظ. انظر اتعاظ الحنفا : ٣ / ١٦٨ ـ ١٧١.