ووردت الأخبار من ناحية الشمال بأن الأمير عماد الدين أتابك رحل في عسكره عن حلب ، في يوم الجمعة السادس عشر من شهر رمضان من السنة ، ونزل على حمص ، وخيم بها وقاتلها ووصل إليه رسول متملك الروم.
ووردت الأخبار من ناحية العراق بالتقاء عسكري السلطان مسعود و [ابن] أخيه داود ، وأن عسكر السلطان مسعود ظهر على عسكر السلطان داود ، وكسره وقتل من مقدميه وأجناده جماعة وافرة من السنة (١).
وفي سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ترددت المراسلات من الأمير شجاع الدولة أبي الفوارس المسيب بن علي بن الحسين الصوفي وجماعة المقيمين بصرخد ، وكتب الأمير أمين الدولة كمشتكين الأتابكي الوالي بصرخد إلى
__________________
إليكم ، فقال لي الخليفة ، ما ترى؟ فقلت : المقتفي لأمر الله ، فقال : مبارك ، ثم مد يده ، فأخذها الوزير ، وقبلها ، وقال : بايعت سيدنا ومولانا المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين على كتاب الله وسنة رسول الله واجتهاده ، ثم أخذها صاحب المخزن وقبلها ، وبايعه على مثل ذلك ، ثم أخذت يده وقلت بعد أن قبلتها : بايعت سيدنا ومولانا الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين ، على ما بايعت عليه أباه وأخاه وابن أخيه في ولاية عهده ـ وكنت بايعت الإمام المستظهر بالله لما خدمته في وكالة الدار سنة تسعين وبقيت إلى سنة سبع وخمسمائة ثم وليت ديوان الإنشاء ، وبايعت المسترشد والراشد ـ ثم قمنا من عنده ودخل إلى الدار ، ودخل العلماء والفقهاء والقضاة وأكابر الناس أجمع ، فبايعوه ، وحضر السلطان مسعود بعد ثلاثة أيام وبايعه ، وبايعه جميع أصحابه من خواجا [الوزير] والأمير حاجب ، وجميع أرباب دولته واستبد له الأمر ، واستقر في الخلافة ... وأما ما كان من الراشد فإنه خرج مع أتابك زنكي في صفر سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة إلى الموصل ، ومعه قاضي القضاة الزينبي ، وجلال الدين أبو الرضا بن صدقة ابن أخي الوزير أبي علي ، وبقي عنده مدة ، فوصل معه إلى باب نصيبين ، وأقام أياما ، ثم عاد إلى الموصل وانفصل عن أتابك ، ومضى إلى السلطان مسعود حتى يستأذنه ويمضي إلى السلطان سنجر ، وقيل قصد السلطان داود ودخل عليه حتى يرده إلى الخلافة ، فلما قارب أصفهان خرج عليه قوم من الملاحدة ، ودخلوا عليه وقتلوه في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ، وحمل إلى أصفهان دفن بها في مدينة شهرستان من أصفهان على فرسخ ... وكانت خلافته من حيث بويع له بعد قتل أبيه إلى أن بويع المقتفي أحد عشر شهرا زائدا فناقصا ، وقيل إن السلطان نفذ من دخل عليه وقتله ..
(١) كذا في الأصل ولا وجه لها ، وخبر المعركة مفصلا في ابن الأثير : ٨ / ٣٦٠ حيث هزم الجيشان بعضهما بالتناوب.