الأمير شهاب الدين محمود بن تاج الملوك ، وإلى الأمير شجاع الدولة بزواج ، والحاجب أسد الدين أكز في التماس الأذن لهم في العود إلى دمشق ، والسؤال في إعادة ما قبض من أملاكهم إليهم ، وإعادة كل مغصوب منها عليهم ، ولم تزل المراسلات في هذا الباب متناصرة ، والكتب في طلبه متواترة إلى أن تقررت الحال في ذلك ، والإجابة إليه على مصالحة معينة مقسطة برسم واجبات الأجناد يقومون بها في أنجمها المعينة ، وأوقاتها المبينة ، تصلح الأحوال بتأديتها ، وتتحق الآمال بتملكها ، وأن يرد أمر الرئاسة في البلد إلى الأمير المقدم ذكره ، وكتب له المنشور بالرئاسة ، ونعت فيه مع أوصافه بالأمير الرئيس الأجل ، مؤيد الدين ، ممهد الإسلام ، مضافا إلى ألقابه ونعوته المتقدمة ، وأن يكون الرسم في الرئاسة جاريا على العادة المستمرة ، والقاعدة المقيمة المستقرة في الحمايات والواجبات ، والرسوم الجاريات في دار الوكالة ، وسائر العراص ، ونفذت الكتب إليهم بالإجابة إلى ما التمسوه ، والإسعاف بما اقترحوه ، والأذن لهم في العود إلى البلد واثقين بما يقدمون عليه ، من حفظ الحرمة ، وحراسة الحشمة ، والتطيب بالنفس ، وتأكيد (١٤٣ و) الأنس.
فعند الوقوف على ما صدر إليهم من هذه الحال سرت به نفوسهم ، وابتهجت بمعرفته قلوبهم وشرعوا في التأهب للعود بصدور منشرحة ، وآمال منفسحة ، وعادوا بأسرهم ، وحين قربوا من البلد خرج كل من فيه من خاص وعام ، لتلقيهم وإظهار السرور والاستبشار بعودهم ، والاغتباط والابتهاج بمقدمهم ، ودخلوا البلد في العشر الأول من رجب من السنة المذكورة فاستقامت أحوالهم على منهج السداد ، واستمرت على قضية الإيثار والمراد ، وأعيد عليهم جميع ما اعترض لهم من ملك وغيره ، وأجروا على كل رسم جميل وإكرام وتبجيل ، فكم من شدة فرجها الله تعالى ذكره بعد اشتدادها ، وغمة كشفها بلطفه بعد إظلامها.
ربما تجزع النفوس من الأم |
|
ر له فرجة كحل العقل |