قاصدا إلى مراغة ، وأنه اجتمع بالسلطان داود بن محمود ، وجرى بينهما أحاديث وتقريرات قررها كل واحد منهما مع الآخر (١).
__________________
(١) كما فعل أمدروز حين مر بمقتل الخليفة المسترشد فنقل عن الفارقي ، فعل الآن ، فنقل نصا طويلا له أهمية خاصة ، وقد أبقيت على ما نقله وضبطته على المصورة الموجودة لدي ، قال الفارقي : وكان الراشد على طريقة أبيه ، وكان بايعه الناس في آخر سنة تسع وعشرين وخمسمائة ، وكان شهما شريف النفس ، ذا رأي وهمة ، فلهذا انحرف السلطان من توليته الخلافة .. قيل : وكان الراشد بعد قتل أبيه قد بايعه الناس ، واستبد واستقر ، ونفذ إلى أتابك زنكي إلى الموصل ، واستدعاه وضمن له أن تكون السلطنة في الملك ألب أرسلان بن محمود الذي عند أتابك ، وتكون الأتابكية والخلافة بحكمه ، فنزل أتابك إلى بغداد ، ونزل بالجانب الشرقي ، في إحدى دور السلطنة ، وبقي إلى أن وصله أن السلطان قد طلب بغداد ، فخيم في الجانب الغربي ، فلما قرب السلطان من بغداد ، ونزل قريبا من النهروان ، حقق الراشد الحال ، وأنهم لابد من تولية غيره فجمع الأمراء بأسرهم الذين كانوا في الدار من بني الخلفاء في سرداب ، وتقدم بأن يطبق السرداب.
ولقد حدثني زين الدولة أبو القاسم علي بن الصاحب ، وكان هو حاجب الباب هو وأبوه وجده ، وكان بين يدي الراشد ، قال : لما جمع الراشد الأمراء في السرداب ، وقال : يا علي خذ هذا السيف ـ وكان بيده سيفا ـ وقال : احذر أن يسبق سيفي سيفك ، فإني أريد أخرج كل من في السرداب ، وأقتل الجميع ، حتى لا يبقى من يصلح للخلافة ، فإن هؤلاء ربما دخلوا وغيروا وولوا غيري ، ثم أمر بفتح السرداب ، والصائح جاءه ، فقال : ما الخبر؟ فقال : إن أتابك زنكي نهب الحريم الطاهري ، وطلب الموصل (في ذي القعدة) وأما السلطان فوصل وعبر النهروان ، ولما حقق أتابك نزول السلطان بالنهروان انهزم ، فرمى السيف من يده ، ودخل إلى الدار وأخذ معه من الجواهر ما لا يعرف له قيمة ، وأعطاني منه مثل ذلك وخرج ، وأخرج معه قاضي القضاة الزينبي ، وكان قد استوزر جلال الدين أبا الرضا (بن) صدقة ، فخرج وخرجنا ، ولحق أتابك زنكي على طريق الموصل.
قال السعيد مؤيد الدين رحمهالله : فلما كان بكرة ذلك اليوم ، دخل السلطان بغداد ، ودخلنا معه ، فنزل في داره ، ونزلنا نحن في دورنا ، وكان دخولنا عاشر ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة فلما كان من الغد مضى الوزير إلى دار السلطنة ، ونحن معه ، واستأذن فيما يفعل ، فأخذ خطه وخطوطنا بالضمان ، ثم عدنا إلى دورنا وأصبحنا يوم الاثنين سابع عشر ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة وحضرنا عند الأمير أبي عبد الله ، وتحدث الوزير معه ، وتحدثنا معه ، وشرط عليه القيام بأمر الخلافة ، وطاعة السلطان ، وأعلمناه «أننا قد ضمنا ذلك من السلطان جميع ما اقترحه عليك» ، فرضي بذلك ، وانفصلنا عنه ، ومضينا إلى السلطان وأعلمناه ما جرى ، وأنه رضي بما شرطت عليه ، فقال السلطان : إذا كان من الغد فبايعوه ، فلما أصبحنا صعدنا إلى الدار ، وأخرجنا من الدار أشياء من الآلات التي تصلح للغناء ، وأشياء لا تليق ، وشهد جماعة من أهل الدار أنه شرب الخمر ، فأفتى العلماء بخلعه واعتنق ذلك القاضي عماد الدين شرف القضاة أبو طاهر أحمد بن الكرخي المحتسب ، وكان قاضي أصحاب الشافعي رحمهالله ، واجتمع العلماء والأكابر ، فخلعوه.
ودخل إليه الوزير ، وصاحب المخزن ، وأنا ، وتحدثنا وناولته رقعة فيها ما يسمى به من اللقب ، وكان فيها المقتفي لأمر الله ، والمستضيء بأمر الله ، والمستنجد بالله ، فقال : ذلك