كان عمر عين زربة عند الاجتياز بها ، لما ورد إلى هذه الجهات ، وأنفق على عمارتها مائة وسبعين ألف دينار ، مع جاه الخلافة والسلطنة والقدرة ، وكان يعمل فيها كل يوم أربعون ألف فاعل ، سوى البنائين والحدادين والنجارين ، وملك تل حمدون وحمل أهله إلى جزيرة قبرص ، وكان صاحبه ابن هيثم (١) الأرمني ، ثم عمر ميناء الاسكندرية ، ثم خرج إلى أنطاكية ، ونزل عليها ، وضايق أهلها في سلخ ذي القعدة ، وجرى بينه وبين صاحبها ريمند بن بيدقين (٢) مصالحة ، ورحل عائدا إلى الدروب ، فافتتح ما بقي في يد ابن ليون الأرمني من الحصون ، وشتى بها.
وفي رجب من السنة نهض الأمير في فريق وافر من العسكر الدمشقي ، من التركمان ، إلى ناحية طرابلس ، فظهر إليه قومصها في عسكر ، والتقيا فكسره بزواج ، وقتل منهم جماعة وافرة ، وملك حصن وادي ابن الأحمر (٣) وغيره.
وفي رجب أيضا نهض ابن صلاح والي حماة في رجاله إلى (١٤٢ و) حصن الخربة فملكه.
وفي شعبان منها ورد الخبر بأن عماد الدين أتابك بن أق سنقر ، توجه في عسكره من ناحية الموصل ، وقطع الفرات في العشر الأول منه ، ووصل إلى حمص ، وكان قد تقدمه إليها صلاح الدين (٤) في أوائل العسكر ، ونزلا عليها وضايقاها ، وفيها الأمير معين الدين أنر واليها ، فراسله في تسليمها ، فاحتج عليه بأنها للأمير شهاب الدين ، وأنه نائبه فيها ، فنصب الحرب عليها والمضايقة لها أياما ، ولم يحظ منها بطائل ،
__________________
(١) هو «ليو بن رافين» انظر صفحات من تاريخ الأمة الأرمنية ، ١٣٥ ـ ١٣٧.
(٢) هو ريموند ابن كونت بواتو. انظر تاريخ وليم الصوري (بالانكليزية) ٢ / ٥٩.
(٣) لعله الحصن الذي نال اسم «يحمور» فاسمه بالأفرنجية الحصن الأحمر. انظر القلاع أيام الحروب الصليبية. ط. دمشق ١٩٨٢ (ترجمة لكتاب فولفغانغ مولر ـ فينر) ص : ٦٤. طرابلس الشام : ١٥١ ـ ١٥٢.
(٤) يريد به صلاح الدين محمد الياغيسياني. انظر كتاب الباهر : ٣٤.