ومضى شهيدا واعتقل باقي أقاربه ، والتمسوا الأذن لهم بعد أيام في التوجه إلى صرخد ، دفعا للشر ، وإخمادا لنار الفتنة ، فأذن لهم في ذلك ، فتوجه من توجه منهم إليها.
وفي هذه السنة في أواخرها حضر المعروف بالأصمعي الديوان الشهابي ، والتمس الأذن له في ضرب الدينار في دمشق ، على أن يكون عياره نصف وربع وثمن دينار خلاصا ، والباقي من الفضة والنحاس ، وكرر الخطاب إلى أن أجيب إلى ما طلب ، وتقرر ضربه على هذه السجية ، وأن تنقش السكة باسم الإمام الراشد بالله أمير المؤمنين ، والسلطان (١٤١ ظ) المعظم مسعود ، وشهاب الدين ، ولما وردت الأخبار بأخذ السلطان البيعة للإمام المتقي لأمر الله ، وتوجه الراشد بالله إلى ناحية الموصل ، وأظهر السلطان رقعة بخط الراشد بالله تتضمن أنه متى خرج من داره ، وقصد محاربة السلطان ، أو أباح دما محرما ، بغير واجب ، أو مدّ يدا إلى أخذ مال من غير محله ، ولا جهته ، كانت بيعته باطلة ، وخرج من عهدة الخلافة ، وكان متعديا للواجب ، وبذاك أشهد على نفسه القضاة والفقهاء والأعيان ، فكان ذلك أوكد الحجة في خلعه ، ونقض أمره.
سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
في هذه السنة وردت الأخبار بظهور متملك الروم كيالياني (١) من القسطنطينية ، في ذي القعدة سنة ثلاثين وقيل ، بل أول المحرم سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ووصل إلى جزيرة أنطاكية ، وأقام بها إلى أن وصلت مراكبه البحرية بالأثقال والميرة والمال والعدد ، في عاشر نيسان ، ونزل على نيقية فملكها ، وقيل بل هادنه عليها أهلها ، ووصل إلى الثغور ، وتسلم أذنه والمصيصة وغيرهما ، وحاصر عين زربة وملكها عنوة ، وقيل في التاريخ إن أمير المؤمنين المأمون بالله بن الرشيد بالله ،
__________________
(١) كذا ، وهذا التعريف فيه بعض البعد عن الأصل «جون ـ أو يوحنا».