سنة ثلاثين وخمسمائة وحصل بها ورتب أمرها [١٣٨ ظ] وقرر ولايتها للحاجب يوسف بن فيروز ، وأن يكون فيها نائبا عن الأمير معين الدين أنر الأتابكي ، حسب ما تقرر ، وكتب إلى الجهات والأطراف بحمل الأقوات إليها ، والتقوية لها بالميرة ، وعاد شهاب الدين عنها بعد تقرير أمرها منكفئا إلى دمشق ، وشرع الأمير سوار النائب عن عماد الدين في حلب ، ومن بحماة من قبله في الغارات على أعمال حمص ، ورعي زرعها ، وجرى في ذلك مراسلات ومخاطبات ، أسفرت عن المهادنة والموادعة ، والمسالمة إلى أمد معلوم ، وأجل مفهوم ، بحيث انحسمت أسباب الفساد عن الجهتين ، واستقامت أحوال الجانبين.
وفي يوم الأحد الرابع والعشرين من جمادى الأولى من السنة ، خلع شهاب الدين على أمين الدولة كمشتكين الأتابكي ، والي صرخد وبصرى الخلع التامة ، ورد إليه أسفهسلارية العسكرية ، وخوطب بالأتابكية ، وأنزل في الدار الكبيرة الأتابكية بدمشق ، وحضر الناس لهنائه فيها ، وأوعز إلى الكافة باتباع رأيه ، والامتثال لأمره.
وفي يوم الأربعاء السابع والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة ، قتل الحاجب يوسف بن فيروز ، في ميدان المصلى بدمشق.
شرح السبب في ذلك
كان الحاجب يوسف بن فيروز المقدم ذكره ، عند كونه في خدمة شمس الملوك اسماعيل بن تاج الملوك ، وتمكنه عنده ، وارتفاع طبقته لديه ، قد اعتمد في حق مقدمي الغلمان الأتابكية ما أوحشهم منه ، وبلغهم ما ضيق صدورهم عنه ، وأسروا ذلك في نفوسهم ، وأخفوه في قلوبهم ، لا سيما ما قصده في نوبة الغلمان الذين قتلهم شمس الملوك مع أخيه سونج بن تاج الملوك ، بسبب اتهامهم بكونهم مع إيلبا الغلام التركي ـ الذي كان وثب على شمس الملوك ، وضربه بالسيف طالبا