قتله ، فسلمه الله ونجاه ، حسب ما تقدم به الشرح ـ وكونه أكبر السعاة عليهم ، والسبب في قتلهم ، على عادة قد ألفيت من فعله ، وطريقة قد عرفت من طبعه ، وقد كان حصل بتدمر ، وأهمل أمره ، ونسي ما سبق به شره ، فلما راسل من تدمر (١) يطلب الأذن في الوصول إلى دمشق ، لتقرير أمر حمص ، وأجيب إلى الأذن في ذلك ، أنكر الأمير شجاع الدولة بزواج ، والحاجب سنقر ، وأكابر الغلمان الأتابكية الأذن له في ذلك ، وامتعضوا من وصوله كل الامتعاض (١٣٩ و) ، لما عرفوا من سوء فعله ، ومشهور سعيه ، وختله ، وأشاعوا بينهم ما هم عازمون عليه من العمل على قتله ، ونصحه أهل وده ، والإشفاق عليه ، والمتقربين إليه بذاك ، فأبى القبول منهم ، وأخذ النصح منهم ، وقويت نفسه على التغرير بها ، والمخاطرة باتباع هواها ، وتمسك بمدافعة الأمير معين الدين عنه ، والمنع منه ، لصداقة كانت بينهما ، قد استحكمت قواها ، ووصلة انعقدت وأحكمت عراها ، ولما وصل إلى دمشق توثق لنفسه من الجماعة بأيمان سكنت إليها نفسه ، وتوكد معها أنسه ، وقرر معه أنه يكون يحضر للسلام في كل يوم ، ويعود إلى داره ، ويقنع بالكون في ملكة دمشق ، والتنقل منها إلى حمص ، ولا يداخل نفسه في أمر غير ذلك.
فما هو إلا أن حصل بها ، وجعل يدبر أمرا غير خاف ، ويقرر تقريرا غير مكتوم ولا مستتر ، فأثار بذلك ما كان في نفوس الغلمان كامنا ، وحرك ما كان في القلوب ساكنا ، ووجد الأمير بزواج (٢) والغلمان السبيل إلى نقض ما عوهدوا عليه ، باعتماده المخالفة لما قرره معه ، وسكنوا إليه ولاحت الفرصة لهم فيه ، ولما كان في اليوم المقدم ذكره ، وقد تقرر الأمر بينهم على الفتك به ، صادفه شجاع بزواج ، المقدم ذكره في الميدان المجاور للمصلى بظاهر دمشق فماشاه ساعة بالحديث وقد خلا
__________________
(١) في الأصل : من تدمر من يطلب ، ومن الثانية زيادة فحذفت.
(٢) يرد رسم هذا الاسم في مرآة الزمان ـ بزواش.