امتعض منها ، نسبت إليه ، وقيل إن هذا مكافأة من الله تعالى له ، عما كان منه في عصيان الخليفة الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين ، والسعاية في دمه ، وكان هذا الخليفة المسترشد بالله أمير المؤمنين رحمهالله ، عالما تقيا فاضلا ، حسن الخط ، بليغا نافذا في أكثر العلوم ، عارفا بالفتوى ، واختلاف الفقهاء ، فيها ، أشقر الشعر أشهل العينين ، بوجهه نمش ، وكانت مدة خلافته سبع عشرة سنة ، وما الله بغافل عما يعمل الظالمون.
وفي شهر ربيع الأول منها تسلم الأمير شهاب الدين محمود بن تاج الملوك ، مدينة حمص ، وقلعتها.
شرح الحال في ذلك
لما عرف من كان بحمص وقلعتها من أولاد خير خان بن قراجة ، وخمارتاش الوالي من قبلهم فيها ، ما استمر عليها ، من مضايقة الأمير عماد الدين أتابك لها ، وبذل جهده ، وحرصه في تملكها وأخذها ، وأخذه حماة المجاورة لها ، وجده في طلبها ، وإضعاف أهلها ، ومواصلة الغارات عليها ، وأنهم لا طاقة لهم بضبطها ، لقلة القوت بها ، وعدم الميرة فيها ، أنفذوا رسلهم إلى شهاب الدين يلتمسون منه إنفاذ من يراه ، لتسلم حمص وقلعتها ، ويعوضهم عنها بما يتفق عليه الرأي ، وتوسط الحاجب سيف الدولة يوسف بن فيروز المقيم بتدمر الأمر في ذلك طمعا في الكون بها ، والانتقال من تدمر إليها ، لكونها من الأماكن الحصينة ، والقلاع المنيعة ، واستأذن في الوصول إلى دمشق للحديث ، وتقرير الحال في ذلك ، فأذن له ، ووصل إلى دمشق ، وجرى في ذلك خطاب طويل ، أفضى آخره إلى أن تسلم حمص وقلعتها إلى شهاب الدين ، وتسلم إلى خمارتاش تدمر عوضا عنها ، ووقع الشرط واليمين على هذه الصفة ، وبرز شهاب الدين من دمشق في العسكر ، وتوجه إليها ، فحين حصل بها نزل خمارتاش من القلعة وأولاد خيرخان وأهله بما يخصهم ، وسلموها إليه فتسلمها يوم الأحد الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول