الحقير بالعدوان ، وأخذه من غير وجهه بالعتو والطغيان ، وأشياء من هذا الباب لا حاجة إلى ذكرها لإشاعتها ، واشتهار أمرها ، بحيث أنكرت من أفعاله ، واستبشعت (١٣٥ و) من أمثاله ، ولم يكفه ما هو عليه من هذه الأفعال الذميمة ، والخصال المكروهة ، حتى أسر في نفسه مصادرة كفاته من الكتاب ، وخواصه من الأمراء والحجاب ، وعزم على الابتداء أولا بالحاجب سيف الدولة يوسف بن فيروز ، أحظى من كان عند أبيه أولا ، وعنده ثانيا واشتهر عنه حتى هرب إلى تدمر منه ، ورأى الغنيمة الكبرى ببعده من شره ، وراحته من نظره ، وكاتب في أثناء هذا الاختلال والاضطراب الأمير عماد الدين أتابك ، حين عرف اعتزامه على قصد دمشق ، لمنازلتها ومضايقتها ، والطمع في ملكتها ، يبعثه على سرعة الوصول إليها ، ليسلمها إليه طائعا ، ويمكنه من الانتقام من كل من يكرهه من المقدمين والأمراء والأعيان بإهلاكهم وأخذ أموالهم ، وإخراجهم من منازلهم ، لأمر تصوره ، وهذيان في نفسه قرره ، وتابع الكتب إليه بالمسألة في الإسراع والبدار ، وترك التلوم والانتظار ، ويقول له في أثناء هذا المقال : «وان اتفق إهمال لهذا الأمر ، وإغفال أو إمهال ، أحوجت إلى استدعاء الأفرنج من بلادهم ، وسلمت إليهم دمشق بما فيها ، وكان إثم دم من بها في رقبته» ، وأسر ذلك في نفسه ، ولم يبده لأحد من وجوه دولته ، وأهل بطانته ، وكانت كتبه بذلك ، بخط يده ، وشرع في نقل المال والأواني ، والثياب من خزانته إلى حصن صرخد ، حتى حصل الجميع به ، ظنا منه أنه يفوز به ، ويهلك جميع الناس من بعده.
فلما بدأ هذا الأمر يظهر ، والسر فيه ينتشر ، شرع في القبض على أصحابه وكتابه وعماله ، وغيرهم من أهل دمشق ، ومقدمي الضياع ، وامتعض الأمراء والمقدمون ووجوه الغلمان الأتابكية ، وكافة العسكرية والرعية ، من هذا الفعل ، وأشفقوا من الهلاك والبوار إن تم هذا التدبير المذموم ، لما يعلمون من أفعال عماد الدين أتابك إذا ملك البلد ، فأجروا