وإذا المنية أنشبت أظفارها |
|
ألفيت كل تميمة لا تنفع |
ولكن قضاء الله تعالى لا يغالب ، وحكمه لا يدافع ، لأن هذه الدنيا دار سوء لم يدم فرح لامرىء فيها ، ولا حزن ، الأنفاس فيها محصاة معدودة ، والآجال محصورة محدودة ، والليل والنهار يقطعان الأعمار ، ويفنيان المدة ، وما فهم مواعظ الزمان من سكن إلى خدم الأيام ، ولقد أنشد عند فقده قول الشريف الرضي :
بعدا ليومك في الزمان فإنه |
|
أقذى العيون وفت في الأعضاد |
لولا ما من الله من قيام نجله في الأمر من بعده ، ونصه عليه في ولاية عهده ، شمس الملوك ، فأزال الروعة ، وخفف اللوعة ، فاشتغل الناس بالتهنئة بالأمير الموجود عن التعزية بالشهيد المفقود ، وقد كان لتاج الملوك رحمهالله من : المحاسن ، والمآثر ، والمناقب ، ما يذكر في المحافل ، وينشر في الأندية والمحاضر ، ونظمت مدائحه الشعراء ، ونشرت فضائله الفصحاء البلغاء ، وكان الأديب الفاضل أبو عبد الله محمد بن الخياط الشاعر الدمشقي رحمهالله ، وهو طرفة شعراء الشام ، والمشهور بمحاسن الفنون من المديح وغيره بينهم ، قد نظم في تاج الملوك عدة قصائد ، بالغ في تهذيبها وتحريرها وتحبيكها ، فذكرت من جملة أبياتها المعربة عن صفات معاليه ، ما يستدل به على استحقاقه ، ما بالغ فيه من مدح مقاصده ومساعيه ، فمن أبيات قصيدة أولها :
لقد كرم الله ابن دهر تسوده |
|
وشرف يا تاج الملوك بك الدهرا |
ومن على هذا الزمان وأهله |
|
بأروع لا يعصي الزمان له أمرا |
حسام أمير المؤمنين ومن يكن |
|
حساما له فليقتل الخوف والفقرا |
إذا قلت في تاج الملوك قصيدة |
|
من الشعر قالوا قد مدحت به الشعرا (١) |
__________________
(١) ديوان ابن الخياط ـ ط. بيروت ١٩٩٤ ص ٢٣٤ ـ ٢٣٦.