والأتباع ، من : الخراسانية ، والغلمان والسلاحية والقزاغندية (١) والجاووشية في اليوم المذكور ، والمحفل المحضور ، وتضاعف بذاك منهم الجذل والسرور ، ومالت كافة الأصحاب إليه ، واجتمعوا عليه ، وواظبوا الخدمة له في كل يوم والتسليم عليه.
سنة ست وعشرين وخمسمائة
في هذه السنة ، ورد الخبر من ناحية الأفرنج بهلاك بغدوين الرويس ملك الأفرنج ، صاحب بيت المقدس بعكا ، في يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر رمضان منها ، وكان شيخا قد عركه الزمان بحوادثه ، وعانى الشدائد من نوائبه وكوارثه ، ووقع في أيدي المسلمين عدة دفعات أسيرا في محارباته ومصافاته ، وهو يتخلص منهم ، بحيله المشهورة ، وخدعه المخبورة ، ولم يخلف بعده فيهم صاحب رأي صائب ، ولا تدبير صالح ، وقام فيهم بعده الملك القومص الجديد الكند انجور (٢) ، الواصل إليهم في البحر من بلادهم ، فلم يتسدد في رأيه ، ولا أصاب في تدبيره ، فاضطربوا لفقده ، واختلفوا من بعده.
وفيها اشتد مرض الجرح بتاج الملوك ، ووقع اليأس من برئه وصلاحه ، فطال الأمر به طولا ، سئم معه الحياة ، وأحب الوفاة ، وتزايد الضعف به ، والذبول في جسمه ، وقوته ، وقرب أجله وخاب في الصحة أمله (١٢٨ و) وتوفي إلى رحمة الله ومغفرته ، وتجاوزه ، على مضي ساعة من نهار يوم الاثنين الحادي والعشرين من رجب منها ، فتألمت القلوب لمصابه ، وأفيضت الدموع للنازل به.
__________________
(١) في الأصل : والمقر عدارية ، وهو تصحيف رجحت صوابه : إما المقردارية ، أو كما أثبتت في المتن ، والقزاغندية نوع من المقاتلين كانوا يرتدون أثوابا قطنية أو حريرية محشوة أيام الحرب ، وهي عبارة مركبة من : قز ، وكند أو غند ، والقز هو الحرير ، وغند أو كند هو البطل الشجاع بالفارسية ، وسبب الترجيح أنه لم يمر بي من قبل «المقردارية» بينما مرت العبارة الثانية كثيرا.
(٢) سبق له أن ذكر وفاته ـ انظر ص ٣٥٧.