وفيها توفي الحاجب فيروز ، شحنة دمشق ، في آخر ربيع الآخر منها.
سنة سبع عشرة وخمسمائة
فيها وردت الأخبار من ناحية بغداد ببروز الإمام المسترشد بالله ، أمير المؤمنين ، وفي جملته الأمير (آق) سنقر البرسقي ، عازما على قصد الأمير دبيس بن صدقة بن مزيد ، لما هو عليه من الخلاف والمجاهرة بالعصيان والفساد في الأعمال ، وقصدوا الحلة فانتهبوها ، وارتفع السعر ببغداد ، حتى بلغ الخبز ستة أرطال بدينار ، وورد الخبر من ناحية حلب باستقرار المهادنة بين الأمير بدر الدولة [سليمان بن عبد الجبار] بن أرتق (١) صاحب حلب ، وبين الأفرنج على تسليم قلعة الأثارب إلى الأفرنج فتسلموها ، وحصلت في أيديهم ، واستمرت الموادعة على هذا ، واستقامت أحوال الأعمال من الجانبين ، وأمنت السابلة للمترددين فيها بين العملين ، في صفر من السنة.
وفيها ورد الخبر بنهيض بغدوين ملك الأفرنج في عسكره إلى ناحية حلب ، إلى الأمير بلك بن أرتق ، في تاسع صفر منها ، وهو منازل لحصن
__________________
يسكنه ، وتقدموا وصاحوا ، فنزل الوالي ، وكان اسمه كنغلي ، فدخل شيخ ممن صحب الأمير نجم الدين من أول زمانه ، وكلمه شمس الدولة والخاتون ، ففتح الباب ، فقالوا إن الأمير مريض ، فلما حصلوا في أرض القصر ، صاحوا وضجوا ، وقالوا : مات الأمير في هذه الساعة ، وأصبح الناس ، وصعد أهل البلد ومن كان بها من الجند إلى القصر ، وغسل الأمير وصلي عليه ودفن بالسندلي مدة ثم أخرج ودفن في مسجد الأمير شرقي قبة السلطان ، فدفن هناك.
وكان نجم الدين إيل غازي قد تزوج بفرخندا خاتون ، بنت الملك رضوان ، لما ملك حلب ، وحقد عليها ، ولم يدخل بها ولا رآها ، ومات ولم يرها وتزوجها بعده الأمير بلك بن بهرام بن أرتق.
قيل : واستقر شمس الدولة بميافارقين واستوزر الوزير عبد الملك بن ثابت ، ورد الأمور إليه ، وأخذ خرتبرت من الأمير بلك ، وبقيت معه إلى أن مات وأخذ الأمير داود وأخذ بلد حزة من الأمير داود ، وأخذ الضياع التي أخذها حسام الدين (قرقي بن الأحدب) صاحب أرزن من بلد ميافارقين .. ودخل [حسام الدين تمرتاش] البلد في شوال سنة ثمان عشرة وخمسمائة واستوزر عبد الملك ، واستقر حاله ، وحصل له جميع ما كان لأبيه نجم الدين ، وأحسن إلى الناس ، وأحبوه ، واستبد بالملك».
(١) في الأصل : «الأمير بدر الدولة بن إيل غازي بن أرتق» وهو وهم فسليمان بن إيل غازي تسلم ميافارقين ، انظر زبدة الحلب : ٢ / ٢٠٩ ـ ٢١٠. الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣١١.